القول السديد
فى بيان حكم التجويد
لصاحب الفضيلة الاستاذ الكبير
الشيخ/ محمد بن على بن خلف الحسينى الشهير بالحداد
شيخ عموم القراء والمقارىء بالديار المصرية
***************
الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب وتكفل بحفظة وتعبد الأمة المحمدية بفهم معانية وإقامة حروفه وتصحيح لفظه ؛ فهو كتاب عزيز لاياتيه الباطن من بين يديه ولا من خلفه 0والصلاة والسلام على أفضل نبى بلغ وأنذر وبشر ، وعلى آلة وأصحابة خير من تلقى القرآن وعن ساعد الجد شمر0 حتى وصل إلينا مصونا عن الخطأ والتحريف ، ومحفوظا من التغير والتبديل والتصحيف0
و(بعد) فيقول العبد الفقير الذليل الحقير محمد بن على بن خلف الحسينى الشهير بالحداد : قد وجه إلى سؤال عن حكم قراءة القرآن الكريم بدون تجويد وحكم الاكتفاء بأخذه من المصاحف بدون معلم فأقول وبالله التوفيق والهداية ، إلى أقوم طريق
إعلم أن تجويد القرآن الكريم واجب وجوبا شرعيا يثاب القارىء على فعله ويعاقب على تركه ، فرض عين على من يريد قراءة القرآن لأنة نزل على نبينا صلى الله علية وسلم مجودا ووصل إلينا كذلك بالتواتر قال الأمام الشمس بن الجزرى فى مقدمتة :
والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرءآنى فهوآثم
لأنه به الإله أنزلا وهكذا منه إلينا وصلا
لأنه به الإله أنزلا وهكذا منه إلينا وصلا
وفى النشر عن الضحاك قال قال عبد الله بن مسعود : ( جودوا القرءآن وزينوا بأحسن الأصوات وأعربوه فإنه عربى والله يحب أن يعرب به )
ولاشك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معانى القرأن وإقامة حدوده هم متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة عن أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التى لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها .
وقال الشيخ أبو عبد الله نصر الشيرازى بعد ذكره الترتيل والحدر ولزوم التجويد فيهما مانصة : حسن الأداء فرض فى القرآن ويجب على القارىء أن يتلو القرآن حق تلاوته صيانة للقرآن عن أن يجد اللحن إليه سبيلا لإنة لا رخصة فى تغيير لفظ القرآن وتعويجه واتخاذ اللحن سبيلا إلية قال الله تعالى (قرآنا عربيا غير ذى عوج) اهـ .
وقد نص الفقهاء على أن القارىء لوأفرط فى المد والإشباع حتى ولد حرفا أو أدغم فى غير موضع الادغام حرم عليك ذلك لأنة عدول بة عن نهجه القويم ومراعاة نهج القرآن الذى ورد به واجبة وتركها حرام مفسق وقد نقل العلامة الشيخ عبد الباقى المالكى فى شرحه على متن الشيخ خليل أن العلماء اتفقوا على أن القراءة بالتلحين إن أخرجت القرآن إلى كونه كالغناء بإدخال حركة فيه أوإخراج حركة منة أو قصر ممدود أو مقصور أو تمطيط يخفى اللفظ أو يلتبس به المعنى حرام والقارىء0 بها فاسق والمستع لها آثم اهـ .
ونقل شراح الحديث مثله عن مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنة فقد بان لك أن مراعاة تالى كتاب الله تعالى التجويد المعتبر عند أهل القراءة أمر واجب بلا امتراء وأن غير ذلك زور وإفتراء وأنه يجب تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين فيما يقع لهم من اللحن والخطأ فى كلام رب العالمين ، ومما يدل لذلك قولة تعالى (ورتلناه ترتيلا) فقد فسر الإمام على الذى هو باب مدينة العلم الترتيل فى هذة الآية بمراعاة الوقوف وتجويد الحروف فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربى الفصيح وعدل عنه إلى اللفظ الفاسد العجمى أو النبطى القبيح استغناء بنفسه واستبدادا برأيه وحدسه واتكالا على ما ألف من حفظه أو استكبارا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على تصحيح لفظه فإنة مقصر بلا شك وآثم بلا ريب وغاش بلا مرية فان القرآن أنزل بأفصح اللغات وهى لغة العرب العرباء فوجب أن يراعى فيه لغة العرب من حيث قواعدهم من ترقيق المرقق وتفخيم المفخم وإدغام المدغم إلى غير ذلك مما هو لازم فى كلامهم فإذا لم يراع القارىء ذلك فكأنة قرأ القرآن بغير لغه العرب والقرآن ليس كذلك فهو ليس بقارىء بل هادم وعدم قراءته خير له وهو بها داخل فى قوله صلى الله علية وسلم ( رب قارىء للقرآن القرآن يلعنه ) أما ما قيل أن القارىء إن أخطأ فى قراءتة فإن الملك يرفع القرآن صحيحا فهذا فى من يقرأ القرآن على غير صفته التى نزل بها وهو قادر على النطق بالصواب أما هو فقراءته غير مقبوله لأن الله لا يقبل عملا فاسدا فضلا عن كونه محرما بل هو آثم عاص هو ومن يعجبة شأنه ، والتجويد هو إخراج كل حرف من مخرجه وحيزه مع إعطائه صفته اللازمة له من شدة وجهر واستعلاء واستفال ونحوها وما ينشأ عنها من تفخيم مستعل وترقيق مستفل وقلفلة مقلقل إلى غير ذلك وإلحاق اللفظ بنظيره والنطق به على حال صفته وكمال هيئته من غير إسراف ولا تعسف ولا إفراط ولا تفريط ولاتكلف حتى يقرأ القرآن على صفته التى نزل بها وإلى ذلك أشار النبى صلى الله عليه وسلم بقوله ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد) يعنى عبد الله ابن مسعود وكان رضى الله عنه قد أعطى حظا عظيما فى تجويد القرآن وتحقيقه كما أنزله الله تعالى وناهيك برجل أحب النبى صلى الله عليه وسلم أن يسمع القرآن منه ولما قرأ أبكى رسول الله عليه وسلم كما ثبت فى الصحيحين وعن أبى عثمان النهدى قال صلى بنا ابن مسعود المغرب بقل هو الله أحد والله لوددت أنة قرأ سورة البقرة من حسن صوته وترتيله 0 وهذه سنة الله تبارك وتعالى فيمن يقرأ القرآن مجودا مصححا كما أنزل تلتذ الاسماع بتلاوته وتخشع القلوب عند قراءته حتى يكاد أن يسلب العقول ويأخذ بالألباب سر من أسرار الله تعالى يودعه من يشاء من خلقه اهـ مختصرا .
واذ قد علمت أن التجويد واجب وعرفت حقيقته علمت أن معرفة كيفية الأداء والنطق بالقرآن على الصفة التى نزل بها متوقفة على التلقى والأخذ بالسماع من أفواة المشايخ الآخذين لها كذلك المتصل سندهم بالحضرة النبوية لأن القارىء لايمكنه معرفة كيفية الادغام والاخفاء والتفخيم والترقيق والامالة المحضة أو المتوسطة والتحقيق والتسهيل والروم والاشمام ونحوها إلا بالسماع والاسماع حتى يمكنة أن يحترز عن اللحن والخطأ وتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا ، إذا علمت ذلك تبين لك أن التلقى المذكور واجب لان مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو معلوم ولأن صحة السند عن النبى صلى الله عليه وسلم عن روح القدس عن الله عز وجل بالصفة المتواترة أمر ضرورى للكتاب العزيز الذى لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة تنزيل من حكيم حميد ليتحقق بذلك دوام ما وعد به تعالى فى قوله جل ذكره ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وحينئذ فأخذ القرآن من المصحف بدون موقف لايكفى بل لايجوز ولو كان المصحف مضبوطا 0 قال الإمام السيوطى ( والأمة كما هم متعبدون بفهم معانى القرآن وأحكامه متعبدون بفهم معانى القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من الأئمة القراء المتصلة بالحضرة النبوية) اهـ .
فقوله على الصفة المتلقاة من الأئمة الخ صريح فى أنه لا يكفى الأخذ من المصاحف بدون تلق من أفواة المشايخ المتقنين ويدل له ما أخرجه سعيد بن منصور فى سننة والطبرانى فى كبيره بسند معتبررجاله ثقات عن مسعود بن زيد الكندى قال كان ابن مسعود يقرىء رجلا فقرأ الرجل ـ إنما الصدقات للفقراء مرسلة ـ أى من غير مد فقال ابن مسعود ما هكذا أقرانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن قال أقرأنيها – إنما الصدقات للفقراء- فمد الفقراء اهـ .
والمد مقدر بحركات معلومه عند القراء لايعرف إلا بتوقيف المعلمين ولو كان الأخذ من المصاحف كافيا لكان مقتضى الرسم العثمانى صحيحا فى القراءة فى كل موضع وليس كذلك بل قد يخل بها فى مواضع خالف فيها خط المصحف أصول الرسم العربى إخلالا بينا كما فى قولة تعالى – أو يعفوا الذى بيده عقدة النكاح – إذ رسم بعد واو يعفوا ألف ومقتضاه أنه بصيغة التثنية وكقوله ويدع الانسان – إذ رسم بلا واو فربما قرىء يدع بتحريك الدال وقوله تعالى – سندع الزبانية – كذلك قوله تعالى – ولا أوضعوا خلالكم – فقد كتب بألف بين لا وأوضعوا .
وربما قرىء بصيغة النفى فينقلب المعنى انقلا با فاحشا من الاثبات المؤكد إلى النفى المحض إلى غير ذلك مما ضبطه أهل الرسم العثمانى وهو توقيفى كاللفظ لا يجوز إلا خلال به وإن خالف مشهور الرسم فالحاصل أنه لابد من التلقى من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين على ما تقدم ولا يعتد بالأخذ من المصاحف بدون معلم أصلا ولا قائل بذلك ومرتكبة لاحظ له فى الدين لتركه الواجب وارتكابه المحرم هذا محصل ما كتبه فى هذا الموضوع من فطاحل الأئمة من يوثق بقولهم ومن جهابذة الأمة من يؤخذ برأيهم 0فى المعقول يرجع إليهم وفى المنقول يعتمد عليهم وهم المغفور لهم شيخ الإسلام الشيخ محمد الانبابى الشافعى وشيخ القراء والمقارىء خاتمة المحققين الشيخ محمد المتولى الشافعى ووراث علمه وفضله الشيخ حسين بن خلف الحسينى المالكى وشيخ المشايخ أحمد الرفاعى المالكى والعلامة الشيخ عبد الهادى نجا الأبيارى والعلامة الشيخ محمد البسيونى المالكى والعلامة الشيخ مصطفى القلتاوى المالكى والأستاذ الكبير عبد الرحمن البحراوى الحنفى والعلامة الشيخ أحمد الدين المرصفى الشافعى والعلامة الشيخ أحمد المنصورى المالكى والعلامة الشيخ عبد العاطى الخليلى الحنفى0 وأيضا أخرج البخارى عن مسروق عن عائشة عن فاطمة رضى الله عنها أنها قالت : أسرإلى النبى صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضى ( أى يدارسى ) بالقرآن فى كل سنة مرة فعارضنى العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلى اهـ .
قيل كان النبى صلى الله عليه وسلم يعرض على جبريل القرآن من أوله إلى آخره بتجويد اللفظ وتصحيح إخراج الحروف من مخارجها ليكون سنة فى الأمة فتعرض التلامذة قراءتهم على الشيوخ اهـ .
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم ( يقال – أى عند دخول الجنة وتوجة العاملين إلى مراتبهم حسب مكاسبهم – لصاحب القرآن – أى من يلازمه بالتلاوة والعمل لا من يقرؤة وهو يلعنه- إقرأ وارق – أى إلى درجات أو مراتب القرب – ورتل – أى لاتستعمل فى قراءتك فى الجنة التى هى لمجرد التلذذ والشهود الأكبر كعبادة الملائكة – كما كنت ترتل – أى قراءتك وفيه إشارة إلى أن الجزاء على وفق الأعمال كمية وكيفية – فى الدنيا – من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف الناشىء عن علوم القرآن ومعارف الفرقان – فان منزلتك عند آخر آية تقرؤها ) كذا ذكره على القارى فى شرح المشكاة .
والحاصل أن تحرير رسوم الحروف والكلمات ومخارج الحروف والصفات وترتيب السور والآيات والقراءات المتواترات توقيفى لأن جبريل عليه السلام أخبروعلم النبى عليه الصلاة والسلام كل هذه الأحكام فى العرضة الأخيرة لتبقى العرضة على الشيوخ فى الأمة اتباعا له عليه الصلاة والسلام وليأخذوا القرآن بكمال الأخذ عن أفواة المشايخ المتصلة إلى الحضرة النبوية وليصل إليهم الفيض الإلهى والأسرار القرآنية والبركات الفرقانية فإنها لاتحصل إلا بتعلمهم القرآن من أفواة المشايخ المسلسلة وليكون كمال الثواب بعرضهم القرآن على المشايخ فإن الله تعالى لايكتب الثواب لقارىء القرآن بغير التعلم بل يعذبه.
فإن الإنسان يعجز عن أداء الحروف بمجرد معرفة مخارجها وصفاتها من المؤلفات مالم يسمعه من فم الشيخ فكيف لا نتعلم القرآن مع كثرة جهلنا وعدم فصاحتنا وبلاغتنا من المشايخ الماهرين فى علم التجويد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال فصاحته ونهاية بلاغته تعلم القرآن عن جبريل عليه السلام فى جمع من السنين خصوصا فى السنة الأخيرة التى توفى فيها ومع أفضليته على جبريل عليه السلام والعجب من بعض علماء زماننا فإنة إذا وجد أهل الأداء فى أعلى المراتب تعلم منه وفى أدنى المراتب لا يتعلم منة إستكبارا عن الرجوع إليه كما قال صاحب تهذيب القرآن قد رأينا بعض من لايقدرعلى قراءة القرآن قدر ما تجوز به الصلاة وهو قد يتصدى التقوى وقد هدم التقوى من أساسها ويتورع عن الشبهات ويفسد الصلاة كل يوم خمس مرات ويتخذ وردا من القرآن يريد أن يعبد الله تعالى بالسيئات ثم إنه يستحى من الناس أن يقعد بالعمامة الكبرى ورداء العلماء بين يدى معلم من أهل الأداء فإن ذلك من وظائف المبتدئين وهو قد صار من المدرسين الفضلاء وقال بعضهم إن أكثر علماء زماننا يشتغلون بعلوم غير نافعة ويتركون الأهم والألزم لهم كالذين يهتمون بالأشتغال بالعلوم الآلية مدة حياتهم بل يفنون أعمارهم فيها ثم يفتخرون ويتكبرون بسببها ويحسبون أنهم يحسنون صنعا فما ظنك فى حق العلم الذى تكون ثمرته ونتيجته عجبا وكبرا فنسأل الله تعالى لى ولكم أن يجعلنان الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وأخرج البخارى عن أنس بن مالك رضى الله عنة قال قال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى إن الله يأمرنى أن أقرأ عليك القرآن ( أى أعلمك القراءة ) قال أ ُبَى آ الله سمانى لك قال الله سماك فجعل أ ُبَى يبكى ويقال أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ليعلم أبيا أحكام التجويد من المخارج والصفات وأحكام القراءآت المتوترات كما أخذه نبى الله عن جبريل عليهما الصلاة والسلام ثم بذل جهده وسعى سعيا بليغا فى حفظ القرآن وما ينبغى له حتى بلغ من الإمامة فى هذا الشأن الغاية العظمى قال عليه الصلاة والسلام ( أقرؤكم أبُـَى ) ثم أخذه على هذا النمط الآخر عن الأول والخلف عن السلف وقد أخذ عن أبى بشر كثيرون من الصحابة والتابعين فمن الصحابة أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب ومن التابعين عبد الله ابن عياش بن أبى ربيعة وعبد الله بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمى وأبو العالية الرياحى وكثيرون غيرهم ثم أخذ عنهم من بعدهم هكذا فسرى فيه سر تلك القراءة عليه حتى سرى سره فى الأمة إلى الساعة ولذا قيل :-
من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة
يكن عن الزيغ والتصحيف فى حرم
ومن يكن آخذا للعلم من صحف
فعلمة عند أهل العلم كالعدم
وقد انتهى إلى الإمام أبُـَى رضى الله عنه أسانيد تسعة من الأئمة العشرة المتواترة قراءتهم إلى اليوم وهم نافع وأبو جعفر المدنيان وبن كثير الملكى وأبو عمرو ويعقوب البصريان وعاصم وحمزة والكسائى وخلف الكوفيون وكذلك سند الامام محمد بن محيصن الملكى والامام اليزيدى فى اختياره وهما من الأربعة الذين بعد العشرة اهـ
وقال بعض المشايخ من اتخذ وردا من القرآن أو الأسماء فعليه أولا أن يصحح
مخارج الحروف والصفات فإنة لايجد تأثيرا من قراءتة ولا يصل إلى مطلوبه مالم يصحح المخارج والصفات لأن الخصائص الأسرار لاتحصل إلا بصحة المعانى والمعانى لاتحصل إلا بصحة الحروف والحروف لا تحصل إلا بصحة المخارج والصفات وكلما تغيرت الصفة اللازمة للحروف تغيرت اللغة وكلما تغيرت اللغة تغيرت المعانى والأسرار اهـ
وقال ابن حجر إعلم أن كل ما أجمع القراء على إعتباره من مخرج ومد وإدغام وإخفاء وإظهار وغيرها وجب تعلمه وحرم مخالفته كذا ذكره على القارىء اهـ وحكى عن ظهير الدين المرغينانى ان من قال لقارىء زماننا عند قراءتة أحسنت يكفر ووجه جعل التحسين كفرا أن هذا الزمان قلما تخلوا قراءتهم فى المجالس والمحافل عن التغنى للناس وهو حرام قطعا بالإجماع وبذلك سماه صاحب الذخيرة وكذا الهداية حيث قال فيها ولاتقبل شهادة من يغنى للناس لأنه يجمعهم على إرتكاب كبيرة اهـ .
وينبغى أن يقيد قوله بكفر من قال أحسنت بما إذا أخرج القارىء القرآن عن حده والقارىء المعتمد ذلك أولوى والحاصل أن القرآن وأسماء الله تعالى والأذان توقيفية لاتقبل الزيادة ولا النقصان ولا التغير وإنه يجب على السامع النكير وعلى التالى التعزير .
انتهى ببعض تصرف وإختصار من مصباح زادة وخزينة الأسرار0 وفى هذا القدر كفاية0
والله ولى الهداية 0 نسألة حسن الختام، بجاه نبيه عليه الصلاة والسلام
22شعبان سنة1349هـ
11يناير سنة 1931م