(1078)
وَضَمُّهُمْ فِي يَزْلِقُونَكَ (خَـ)ـالِدٌ وَمَنْ قَبْلَهُ فَاكْسِرْ وَحَرِّكْ (رِ)وًى (حَـ)ـلاَ
أي ضمهم في ياء-ليزلقونك بأبصارهم-خالد أي مقيم ونافع وحده فتح الياء يقال إذا أزال قدمه ويقال زلقه أيضا فزلق هو والمعنى إنهم لعدوانهم له ينظرون إليه نظرا يكاد يهلكه ، وأما-وجاء فرعون ومن قبله-بفتح القاف وسكون الياء فمعناه والطغاة الذين قبله ومعناه بكسر القاف وفتح الباء والذين معه من أشياعه وأتباعه وقوله ومن قبله مفعول فاكسروا الفاء زائدة وروى حال منه أو من الفاعل أي ذا روى حلو أي اكسر من قبله وحركه مرويا له بالحركات التي يستحقها وبالاحتجاج له بما يوافقه
(1079)
وَيَخْفَى (شِـ)ـفَاءً مَالِيَهْ مَاهِيَهْ فَصِلْ وَسُلْطَانِيَهْ مِنْ دُونِ هَاءٍ (فَـ)ـتُوصلاَ
يعني-لا تخفى منكم خافية-تذكير تخفى وتأنيثه ظاهران وحذف حمزة هاء السكت من قوله-ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانية خذوه-إذا وصل الكلام بعضه ببعض وكذلك-ماهية نار حامية-في سورة القارعة وهذا نظير ما فعل هو والكسائي في-يتسنه-واقتده أو أثبتها الباقون لثباتها في خط المصحف فهو وصل بنية الوقف وكلهم أثبتها وقفا وفي سورة الحاقة أربع أخر كتابيه مرتين-وحسابيه مرتين أثبت حمزة هاء هن كالجماعة جمعا بين الأمرين ويعقوب الحضرمي حذف الجميع وصلا وحذف الكسائي في يتسنه واقتده لخفاء هاء السكت فيهما لأنهما فعلا جزم وقد قيل ليسا للسكت وترك الحذف هنا لوضوح الأمر
(1080)
وَيَذَّكَّرُونَ يُؤْمِنُونَ (مَـ)ـقاَلُهُ بِخُلْفٍ (لَـ)ـهُ (دَ)اعٍ وَيَعْرُجُ (رُ)تِّلاَ
يعني-قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون-الغيب فيهما لمن رمز له والخطاب للباقين و-يعرج الملائكة-بالتذكير للكسائي والباقون بالتأنيث ووجه القراءتين في الحرفين ظاهر وقد سبق لهن نظائر
(1081)
وَسَالَ بِهَمْزٍ (غُـ)ـصْنُ (دَ)انٍ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْهَمْزِ أَوْ مِنْ وَاوٍ أوْ يَاءٍ ابْدَلاَ
أي غصن ثمر دان يعني همز-سأل سائل-جعله لظهور أمره كغصن ثمر داني من يد من يجنيه ونافع وابن عامر قرءا بالألف من غير همز وتلك الألف تحتمل ثلاثة أوجه أحدها أن يكون بدلا من الهمز وهو الظاهر وهو من البدل السماعي-قال حسان ، (سألت هذيل رسول الله فاحشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب) ، فيكون بمعنى قراءة الهمز ، الوجه الثاني أن تكون الألف منقلبة عن واو فيكون من سأل يسأل وأصله سول كخول قال أبو زيد سمعت من يقول هما يتساولان وقال المبرد يقال سلت أسأل مثل خفت أخاف وهما يتساولان وقال الزجاج يقال سألت أسأل وسلت أسال والرجلان يتساولان ويتساءلان بمعنى واحد ، والوجه الثالث أن تكون الألف منقلبة عن ياء من سال يسيل أي سال عليهم واد يهلكهم روى ذلك عن ابن عباس فهو من باب باع يبيع فتقدير البيت سال همز ألفها غصن دان وغيرهم أبدل هذه الألف من الهمز الذي قرأ به غصن دان أبو أبدلها من واو أو من ياء وقد تبين كل ذلك
(1082)
وَنَزَّاعَةً فَارْفعْ سِوى حَفْصِهِمْ وَقُلْ شَهَادَاتِهِمْ بِالْجَمْعِ حَفْصٌ تَقَبَّلاَ
ذكر الزجاج في توجيه كل قراءة من الرفع والنصب ثلاثة أوجه ، أما الرفع فعلى أن-نزاعة-خبر لأن بعد خبر أو هي خبر لظى والضمير في أنها ضمير القصة أو خبر مبتدأ محذوف أي هي نزاعة ، وأما النصب فعلى الاختصاص أو على تقدير تتلظى نزاعة أو على الحال المؤكدة قال يكون نزاعة منصوبا مؤكدا لأمر النار وجوز الزمخشري أن تكون نزاعة بالرفع صفة لظى أن أريد به اللهب ولم يكن علما على النار إلا أن هذا القول باطل بدليل أنه لم يصرف ، وأما-والذين هم بشهاداتهم قائمون-فالإفراد فيه والجمع كما سبق في نظائره والإفراد أنسب لقوله بعده-والذين هم على صلاتهم يحافظون-وهو مجمع عليه
(1083)
إِلى نُصُبٍ فَاضُمُمْ وَحَرِّكْ بِهِ (عُـ)ـلاَ (كِـ)ـرَامٍ وَقُلْ وُداًّ بِهِ الضَّمُّ (أُ)عْمِلاَ
أي اضمم النون وحرك بالضم الصاد وهو اسم مفرد وجمعه أنصاب وكذلك النصب بفتح النون وسكون الصاد وهو قراءة الباقين وهو ما نصب ليعبد من دون الله تعالى وقيل نصب جمع نصب مثل سقف في جمع سقف وقيل هو جمع نصاب وقيل النصب العلم وقيل الغاية وقيل شبكة الصائد ، وقال أبو علي يمكن أن يكون النصب والنصب لغتين كالضعف والضعف ويكون التثقيل كشغل وشغل وطنب وطنب ودا اسم الصنم بفتح الواو وضمها لغتان واختار أبو عبيد الفتح وقال كانوا يتسمون بعبد ود وأما الود فالغالب عليه المودة
(1084)
دُعَائِي وَإِنِّي ثُمَّ بَيْتِي مُضَافُها مَعَ الْوَاوِ فَافْتَحْ إِنْ (كَـ)ـمْ (شَـ)ـرَفاً (عـ)ـلاَ
يريد-دعائي إلا فرارا-أسكنها الكوفيون-ثم إني أعلنت لهم-فتحها الحرميان وأبو عمرو-وبيني مؤمنا-فتحها حفص وهشام ثم شرع في سورة الجن فقال افتح إن مع الواو يعني مهما جاء وإن فالخلاف في فتحها وكسرها احترز بذلك عن أن يأتي مع الفاء نحو-فإن له نار جهنم-فهو متفق على كسره وعن أن المجردة عن الواو نحو-وأنه استمع-فهو متفق على فتحه-فقالوا إنا سمعنا-متفق على كسره فإن كانت مع الواو ليست مشددة فمتفق أيضا على فتحها نحو-وإن لو استقاموا-فضابط مواضع الخلاف أن تكون أن مشددة بعد واو وذلك في اثنى عشر حرفا متوالية أوائل الآي جميعها لا يخرج عن أنه إنا أنهم ، وهي-وأنه تعالى جد ربنا-وإنه كان يقول-وأنا ظننا أن لن تقول-وأنه كان رجال-وأنهم ظنوا-وأنا لمسنا-وإنا كنا نقعد-وأنا لا ندري-وأنا منا الصالحون-وأنا ظننا أن لن نعجز-وأنا لما سمعنا الهدى-وأنا منا المسلمون-وأما-وأن المساجد-وأنه لما قام فسيأتي ذكرهما فهذه الاثنا عشر فتحها ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وهم نصف القراء وكسرها الباقون ومضى معنى قوله كم شرفا علا في أول سورة الأعراف فوجه الكسر العطف على-أنا سمعنا-فالكل في حيز القول أي-فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا-وقالوا إنه تعالى جد ربنا-وأنه كان يقول-وأنا ظننا-إلى آخر ذلك ، وقيل إن قوله-وأنه كان رجال-وأنهم ظنوا-آيتان معترضتان في كلام الله تعالى في أثناء الكلام المحكي عن الجن وقيل بل هما أيضا من كلامهم يقوله بعضهم لبعض وأما الفتح فقيل عطف على أنه استمع فيلزم من ذلك أن يكون الجميع داخلا في حيز أوحى أي أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن وأنه تعالى جد ربنا فهذا وإن استقام معناه في هذا فلا يستقيم في-وأنه كان يقول سفيهنا-وأنا لمسنا-وأنا كنا-إذ قياسه سفيههم ولمسوا وكانوا ، وقال الزجاج ذكر بعض النحويين أنه معطوف على الهاء المعنى عنده فآمنا به وبأنه تعالى جد ربنا وكذلك ما بعدها ، قال وهذا رديء في القياس لا يعطف على الهاء المكنية المخفوضة إلا بإظهار الخافض ، قال مكي وهو في أن أجود منه مع غيرها لكثرة حذف حرف الجر مع أن ، ثم قال الزجاج لكن وجهه أن بكون محمولا على معنى آمنا به لأن معنى آمنا به صدقناه وعلمناه فيكون المعنى وصدقنا أنه تعالى جد ربنا قال الفراء فتحت أن لوقوع الإيمان عليها وأنت مع ذلك تجد الإيمان يحسن في بعض ما فتح دون بعض فلا يمنعك ذلك من إمضائهن على الفتح فإنه يحسن منه فعل مضارع الإيمان فوجب فتح أن نحو صدقنا وألهمنا وشهدنا كما قالت العرب ، وزججن الحواجب والعيونا فنصب العيون لاتباعها والحواجب وهي لا تزجج إنما تكحل فأضمر لها الكحل