(984)
وَنَجْزِي بِياَءٍ ضُمَّ مَعْ فَتْحِ زَايِهِ وَكُلَّ بِهِ ارْفَعْ وَهْوَ عَنْ وَلَدِ الْعَلاَ
يريد-كذلك نجزي كل كفور-قرأه أبو عمرو بضم الياء على بناء الفعل للمفعول وقرأه الباقون بفتح النون على بنائه للفاعل والهاء في به تعود على يجزي لأن كل مرفوع به لأنه مفعوله الذي أقيم مقام فاعله ونصبه الباقون على المفعولية
(985)
وَفِي السَّيِّئِ المَخْفُوضِ هَمْزاً سُكُونُهُ (فَـ)ـشاَ بَيِّناتٍ قَصْرُ (حَقٍّ فَـ)ـتًى (عَـ)ـلاَ
همزا منصوب على التمييز أي المخفوض همزه يريد ومكر السيئ-احترازا من المرفوع بعده وهو -ولا يحيق المكر السيئ-فإنه لا خلاف في تحريك همزه وأما ذلك المخفوض فروى عن حمزة سكون همزه تخفيفا لأجل كثرة الحركات وقد سبق ما في هذا في قراءة-بارئكم-ويأمركم ونحوه وقيل إنه وصل بنية الوقف وعندي أنه أسكنه وقفا فظن الراوي أنه يفعل ذلك وصلا وسبب كونه أسكن هذه الهمزة وقفا أن من مذهبه تخفيف الهمز في الوقف على الطريقة المذكورة في بابه وقياسها أن تبدل هذه الهمزة ياء لأنها تسكن للوقف وقبلها مكسور فيجب قلبها ياء إذا خففت فكأنه استثقل اجتماع ثلاث ياءات الوسطى مكسورة فترك الهمز ساكنا على حاله فهو أخف من إبداله فهو نظير ما فعله أبو عمرو في-تؤوى-وتؤوبه حين لم يبدل همزه استثقالا للإبدال وهو معنى قول الناظم فيما سبق أخف بهمزة وقال الزمخشري لعله اختلس فظن سكونا أو وقف وقفة خفيفة ثم ابتدأ ولا يحيق قال أبو جعفر النحاس قال الأعمش وحمزة-ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ-فحذف الإعراب من الأول وأثبته في الثاني قال أبو إسحق وهو لحن قال أبو جعفر ، وإنما صار لحنا لأنه حذف الإعراب منه وزعم محمد بن يزيد أن هذا لا يجوز في كلام ولا شعر لأن حركات الإعراب لا يجوز حذفها دخلت للفرق بين المعاني وقد عظم بعض النحويين أن يكون الأعمش يقرأ بهذا وقال إنما كان يقف عليه فغلط من أدى عنه قال والدليل على هذا أنه تمام الكلام وأن الثاني لما لم يكن الكلام أعربه والحركة في الثاني أثقل منها في الأول لأنها ضمة بين كسرتين قال واحتج بعض النحويين لحمزة في هذا بأن سيبويه أنشد ، (إذا اعوججن قلت صاحب قوم فاليوم أشرب غير مستحقب) ، قال وهذا لا حجة فيه لأن سيبويه لم يجزه وإنما حكاه على الشذوذ وضرورة الشعر وقد خولف فيه وقيل إنما هو صاح قوم وفاليوم فاشرب ، قال الزجاج-ومكر السيئ-موقوفا وهذا عند النحويين من الحذاق بالنحو وإنما يجوز في الشعر في الاضطرار وأنشدوا ، قلت (صاحب قوم اليوم اشرب غير ) ، قال وهذان البيتان قد أنشدهما جميع النحويين المذكورين وزعموا كلهم أن هذا من الاضطرار في الشعر ولا يجوز مثله في كتاب الله تعالى أنشدناهما أبو العباس محمد بن يزيد رحمه الله تعالى ، (إذا اعوجحن قلت صالح قوم وهذا جيد بالغ وأنشدنا) ، (فاليوم فاشرب غير مستحقب ) ، فأما ما يروى عن أبي عمرو بن العلا-إلى بارئكم-فإنما هو أن يختلس الكسر اختلاسا ولا يجزم بارئكم قال وهذا إنما رواه عن أبي عمرو من لا يضبط النحو كضبط سيبويه والخليل ورواه سيبويه باختلاس الكسر كأنه يقلل صوته عند الكسر وأكثر أبو علي في الحجة من الاستشهاد والاحتجاج للإسكان لأجل توالي الكسرات والاضطرار وللوصل بنية الوقف ثم قال وإذا ساغ ما ذكرنا في هذه القراءة من التأويل لم يسغ لقائل أن يقول إنه لحن ألا تر أن العرب قد استعملوا ما في قياس ذلك ، ثم قال وهذه القراءة وإن كان لها مخلص من الطعن فالوجه قراءة الحرف على ما عليه الجمهور في الدرج وقال ابن القشيري ما ثبت بالاستفاضة والتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأه فلا بد من جوازه ولا يجوز أن يقال إنه لحن ولعل مراد من صار إلى التخطئة أن غيره أفصح منه وإن كان هو فصيحا ، قلت وعلى الجملة فإسكان-السيئ أهون من إسكان بارئكم لإمكان حمل ذلك على الوقف كما سبق ولا يمكن تقدير ذلك في بارئكم ويأمركم والله أعلم ، وقال مكي لو نوى الوقف لخفف الهمزة على أصله وهذا قد سبق الاعتذار عنه ، وقوله بينات قصر حق فتى بإضافة حق إلى فتى علا يريد قوله تعالى-فهم على بينة منه-فالإفراد فيه والجمع قد سبق لهما نظائر وليس في سورة فاطر ياء إضافة وفيها زائدة واحدة-فكيف كان نكيري-أثبتها في الوصل ورش وحده ، وقلت في ذلك مع الياءين اللتين ذكرناهما في سورة سبأ ، (وزاد نكيري والجواري لذي سبأ وفي فاطر أيضا نكيري تقبلا)