(945)
وَفِي نُرِي الْفَتْحَانِ مَعْ أَلِفٍ وَيَائِهِ وَثَلاَثٌ رَفْعُهَا بَعْدَ (شُـ)ـكِّلاَ
الفتحان في الراء والحرف الذي قبلها والألف بعد الراء والياء مكان النون وهي الحرف الذي قبل الراء فيصير اللفظ ويرى ويلزم من ذلك رفع الكلم الثلاث التي بعدها على الفاعلية وهي-فرعون وهامان وجنودهما-وفي القراءة الأخرى الثلاث منصوبة على المفعولية ويجوز في ويائه الجر عطفا على ألف ويجوز وياؤه بالرفع عطفا على الفتحان ومعنى شكل صور والقراءة بالنون المضمومة وكسر الراء وفتح الياء توجد من تلفظ الناظم بها لا من ضد ما ذكره ووجه القراءتين ظاهر
(946)
وَحُزْناً بِضَمِّ مَعْ سُكُونٍ (شَـ)ـفَا وَيَصْدُرَ اضْمُمْ وَكَسْرُ الضَّمِّ (ظَـ)ـامِيهِ (أَ)ـنْهَلاَ
قيد في حزنا ما لفظ به ليأخذ ضده للقراءة الأخرى وضد الضم والسكون معا الفتح فيهما فالحزن والحزن لغتان مثل العجم والعجم والعرب والعرب والبخل والبخل قرئ بهما ههنا في قوله-ليكون لهم عدوا وحزنا-وأجمعوا على الفتح في (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن) ، وفي (وأعينهم تفيض من الدمع حزنا) ، وعلى الضم في (وابيضت عيناه من الحزن) ، (إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله) ، وادعى بعضهم أن الضم يكون في المرفوع والمجرور والفتح في الذي ظهر فيه النصب وأما-حتى يصدر الرعاء-فأراد ضم يائه وكسر داله فيكون مضارع أصدر والمفعول محذوف أي يصدر الرعاء مواشيهم ويصدر بفتح الياء وضم الدال من صدر وهو فعل لازم والصدر الانصراف وأصدرت الماشية صرفتها وإنما يصدرونها بعد ريها فلهذا قال ظاميه أنهلا ويعني بالظاميء الذي ظمئت ماشيته أي عطشت أو يكون إشارة إلى حال موسى عليه السلام فإنه كان حينئذ ظمآن ذا تعب وجوع وقد سقى المواشي وهو ظمآن منهل أي ساق النهل وهو الشرب الأول
(947)
وَجِذْوَةٍ اضْمُمْ (فُـ)ـزْتَ وَالْفَتْحُ (نَـ)ـلْ وَ(صُحْبَةٌ كَـ)ـهْفُ ضَمِّ الرَّهْبِ وَاسْكِنْهُ (ذُ)بَّلاَ
جميع ما في هذا البيت من القراءات لغات والأكثر على كسر الجيم وضمها حمزة وفتحها عاصم وأخذت قراءتهم من ضد الفتح ويقال أيضا جذيه بالياء وفي الجيم الحركات الثلاث وقال أبو عبيد القطعة الغليظة من الخشب كأن في طرفها نارا ولم تكن والرهب الخوف قرأه حفص بفتح الراء وإسكان الهاء وأبو بكر وحمزة والكسائي وابن عامر بضم الراء وإسكان الهاء والباقون بفتحهما لأن الفتح ضد الضم والإسكان المطلق ويجوز ضمهما لغة ووصل الناظم همزه وأسكنه ضرورة وذلك جائز أنشد أبو علي ، (إن لم أقاتل فألبسوني برقعا يابا المغيرة رب أمر مفصل) ، قال وهذا النحو في الشعر غير ضيق وذبل جمع ذابل وهي الرماح ونصبه على الحال أي ذا ذبل يشير إلى الحجج والأدلة والله أعلم
(948)
يُصَدِّقُنِي ارْفَعْ جَزْمَهُ (فِـ)ـي (نُـ)ـصُوصِهِ وَقُلْ قَالَ مُوسَى وَاحْذِفِ الْوَاوَ (دُ)خْلُلاَ
الجزم على جواب أرسله معي والرفع على أنها جملة في موضع الحال أي أرسله مصدقا وإنما قال ارفع جزمه لأن الجزم ليس ضدا للرفع وإن كان الرفع ضدا للجزم ومثله ما سبق في الفرقان ، يضاعف ويخلد رفع جزم والواو من-وقال موسى ربي أعلم-محذوفة من المصحف المكي دون غيره فلهذا أسقطها ابن كثير وأثبتها غيره ودخللا حال من قال موسى أي هي بحذف الواو مداخل لما قبله وهو-قال رب إني قتلت منهم نفسا-ولو قال الناظم موضع دخللا دم ولا أي ذا ولا لكان أولى لأنه لم يأت بواو فاصلة بين هذه المسئلة والتي بعدها وقد افتتح البيت الآتي بالرمز في كلمتين فالكلمة الأولى وهي نما مترددة بين أن تكون تابعة لما في هذا البيت أو لما بعدها بل نما نفر بجملته يجوز أن يكون من تتمة رمز قال موسى ويكون رمز يرجعون ما بعده وهو ثق الذي هو رمز سحران فيكون للكوفيين الحرفان كنظائر لسبقت والله أعلم
(949)
(نَـ)ـمَا (نَفَرٌ) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ يَرْجِعُونَ سِحْرَانِ (ثِـ)ـقْ فِي سَاحِرَانِ فَتُقْبَلاَ
نما أي نقل فالمعنى نقل جماعة يرجعون بضم الياء وفتح الجيم على بناء الفعل للمفعول والباقون بفتح الياء وكسر الجيم على بناء الفعل للفاعل وقد سبق نظيرهما يريد وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون وقرأ الكوفيون-قالوا سحران تظاهرا-والباقون ساحران يعنون موسى وهارون وقيل ومحمدا صلوات الله عليهم أجمعين وسحران كذلك على حذف مضاف أي كل واحد منهما ذو سحر وقيل عنى بذلك التوراة والقرآن ونصب فتقبلا على جواب الأمر بقوله ثق والله أعلم
(950)
وَيَجْبَى خَلِيطٌ يَعْقِلُونَ (حَـ)ـفِظْتُهُ وَفِي خُسِفَ الْفَتْحَتَيْنِ حَفْصٌ تَنَخَّلاَ
الخلاف في-يجبى إليه-بالتذكير والتأنيث ظاهر لأن تأنيث الثمرات غير حقيقي ومعنى قوله خليط أي مألوف معروف ليس بغريب أي تذكير يجبى خليط لم يؤنثه سوى نافع وأما وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون فقرأه أبو عمرو وحده بالغيب وغيره بالخطاب وهما أيضا ظاهران وأما-لخسف بنا فقرأه على بناء الفعل للفاعل حفص على معنى لخسف الله بنا وقرأ غيره على بناء الفعل للمفعول بضم الخاء وكسر السين ومعنى تنخلا اختار حفص في خسف الفتحين يعني فتح الخاء والسين ولم يذكر قراءة الباقين ولا يؤخذ من الضد إلا كسر السين وأما ضم الخاء فإن الضم ضد الجزم ونظير القراءتين هنا (استحق عليهم) ، في المائدة وعبارته هناك جيدة وضم استحق افتح لحفص وكسره وكأنه أشار هنا بالفتحين إلى قراءته هناك أو إلى قوله في أول السورة وفي نرى الفتحان فإنهما فتحا ضم وكسر فكذا في خسف والله أعلم
(951)
وَعِنْدِي وَذُو الثُّنْياَ وَإِنِّي أَرْبَعٌ لَعَلِّي معاً رَبِّي ثَلاَثٌ مَعِي اعْتَلاَ
فيها اثنتا عشرة ياء إضافة عندي أو لم يعلم فتحها نافع وأبو عمرو واختلف فيها عن ابن كثير-ستجدني إن شاء الله-فتحها نافع وحده وهي التي عبر عنها بقوله وذو الثنيا أي واللفظ المصاحب للثنيا والثنيا الاسم من الاستثناء وإنما عبر عنها بذلك لأن بعدها إن شاء الله وهذا اللفظ يطلق عليه علماء الشريعة وغيرهم لفظ الاستثناء باعتبار أصل اللغة لأنها ثبت اللفظ المعلق بها عن القطع بوقوع موجبه وفي الحديث إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فقد استثنى وقد تقدم في باب ياءات الإضافة التعبير عنها بقوله وما بعده إن شاء وإنما لم ينص عليها بلفظها كما فعل في أخواتها لأنها لفظة لا يمكن أن تدخل في وزن الشعر أصلا لاجتماع خمس حركات فيها متوالية ثم قال وإني أربع أي أربع كلمات فتارة يؤنث هذه الألفاظ باعتبار الكلمات كقوله بعده ربي ثلاث وتارة يذكر باعتبار اللفظ كقوله وذو الثنا وذلك على حسب ما يؤاتيه نظمه أراد-إني آنست-إني أنا الله رب العالمين- إني أخاف أن يكذبون-فتح الثلاث الحرميان وأبو عمرو-وإني أريد أن أنكحك-فتحها نافع وحده-لعلي آتيكم لعلي أطلع فتحهما الحرميان وأبو عمرو وابن عامر-عسى ربي أن يهديني-ربي أعلم بمن-ربي أعلم من فتح الثلاث الحرميان وأبو عمرو-فأرسله معي ردأ-فتحها حفص وحده وقوله في آخر البيت اعتلا ، هو خبر وعندي وما بعده أي اعتلا المذكور في تبين ياآت الإضافة في هذه السورة وكان الواجب على هذا التقدير نصب أربعا وثلاثا على الحال أي اعتلا هذا وذا في حال كونهما على هذا العدد كما قال في آخر سورة هود "وياءاتها عني وإني ثمانيا" وإن جعل إني أربع مبتدأ وخبر وكذا ربي ثلاث احتاج كل واحد من هذه الألفاظ إلى خبر فيرك الكلام ويكثر الإضمار فلا حاجة إلى ذلك وفيها زائدة واحدة-يكذبون-قال سنشد أثبتها في الوصل ورش وحده وقلت في ذلك ، (وواحدة فيها تزاد يكذبون قال وما شيء إلى سبأ تلا) ، أي لم يبق شيء من الزوائد إلى سورة سبأ وتلا بمعنى تبع ما تقدم من ياءآت الزوائد والله أعلم