(816)
وَيَتَّخِذُوا غَيْبٌ (حَـ)ـلاَ لِيَسُوءَ نُونُ (رَ)اوٍ وَضَمُّ الْهَمْزِ وَالْمَدِّ (عُـ)ـدِّلاَ
أي ذو غيب حلو لأن قبله-لبني إسرائيل-والخطاب حكاية ما في الكتاب وهما مثل ما في البقرة-لا تعبدون إلا الله-كلاهما في بني إسرائيل والمعنى واحد ولو دخلت أن في الذي في البقرة لكانت-أن لا تعبدوا-مثل-أن لا تتخذوا سواء فاتحد اللفظ والمعنى وأما-ليسوءوا وجوهكم-فقراءة الكسائي بالنون ظاهرة لكثرة ما قبله من نونات العظمة وقرأ غيره بالياء فمن فتح الهمزة وقصره كما فعل الكسائي فالفاعل هو الله تعالى كما قال-سبحان الذي أسرى بعبده-وبعده-عسى ربكم-أو يكون الفاعل الوعد أو البعث وهذه قراءة ابن عامر وحمزة وأبي بكر وضم الهمز ومده حفص وهو المرموز في قوله عدلا والحرميان وأبو عمرو رمز لهم في البيت الآتي بقوله سما فالضمير المرفوع في-ليسوءوا-للعباد الذين هم-أولوا بأس شديد-واللام في-ليسوءوا-على القراءات الثلاث متعلقة بفعل مضمر أي بعثناهم ليقع ذلك وقول الناظم والمد بالرفع عطف على ضم الهمز
(817)
(سَمَا) وَيُلَقَّاهُ يُضَمُّ مُشَدَّداً (كَـ)ـفَى يَبْلُغَنَّ امْدُدْهُ وَاكْسِرْ (شَـ)ـمَرْدَلاَ
أراد كتابه يلقاه-أي يستقبل به وقرأ الباقون يلقاه بفتح الياء والتخفيف وذلك ظاهر المعنى والهاء للكتاب أو للإنسان لأن ما لقيك فقد لقيته-وإما يبلغن عندك الكبر-فمد بعد الغين أي زد ألفا واكسر النون المشددة فيصير يبلغان والضمير للوالدين وأحدهما بدل منه وهو فاعل على قراءة القصر والنون للتأكيد فيها والله أعلم
(818)
وَعَنْ كُلِّهِمْ شَدِّدْ وَفاً أُفِّ كُلِّهاَ بِفَتْحٍ (دَ)ناَ (كُـ)ـفْؤًا وَنَوِّنْ (عَـ)ـلَى (ا)عْتَلاَ
يعني أجمعوا على تشديد النون وهذا منه زيادة في البيان وإلا فهو معلوم مما تقدم لأنه لفظ بقوله يبلغن مشدد النون وأمر بكسرها ولم يتعرض للتشديد بنفي ولا إثبات فدل على أنه لا خلاف فيه وأما أف ففيها لغات كثيرة لم يقرأ فيها إلا بثلاث الفتح والكسر والتنوين مع الكسر وهي قراءة نافع وحفص وهو معنى قوله على اعتلا أي معتمدا على اعتلا قوله كلها بالجر تأكيد لأف يعني حيث جاء وهو هنا وفي الأنبياء والأحقاف والله أعلم
(819)
وَبِالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ خِطْأً (مُـ)ـصَوَّب وَحَرَّكَهُ الْمَكِّي وَمَدَّ وَجَمَّلاَ
يريد-إن قتلهم كان خطأ-فلفظ بقراءة الجماعة وذكر أن ابن ذكوان فتح الخاء والطاء وعبر عنه بالتحريك المطلق وهو الفتح ليؤخذ للباقين ضده وهو السكون وعبر عن حركة الخاء بلفظ الفتح ليؤخذ للباقين ضده وهو الكسر فدخل ابن كثير مع الباقين في هذا ولم يخالفهم فيه ولما خالفهم في إسكان الطاء تعرض له فقال وحركه المكي وزاد مدا بعد الطاء فقراءة الجماعة خطأ بمعنى إنما يقال خطأ خطأ كإثم إنما وهو في قراءة ابن ذكوان ضد الصواب وقيل هما لغتان كالحذر والحذر والمئل والمثل ، قال الزجاج وقد يكون من خطأ خطأ إذا لم يصب وقراءة ابن كثير خاطأ خطاء مثل خاطر خطارا ، قال أبو علي وإن لم يسمع خاطأ ولكن قد جاء ما يدل عليه وهو تخاطأ لأنه مطاوعه ، قال وقد قالوا أخطى في معنى خطى كما أن خطى في معنى أخطى ، قلت فإلى هذا أشار الناظم بقوله مصوب لأن قوما استبعدوا قراءة ابن ذكوان فقالوا الخطأ ما لم يتعمد وجوابه أنه استعمل في التعمد أيضا وقول الناظم خطأ مصوب مبتدأ وخبر أي هو مصوب بالفتح والتحريك فقابل بين لفظي الخطأ والتصويب وإخباره عن الخطأ بالتصويب من عجائب هذا النظم ومحاسنه والله أعلم
(820)
وَخَاطَبَ فِي يُسْرِفْ (شُـ)ـهُود وَضَمُّنَا بِحَرْفَيْهِ بِالْقِسْطَاسِ كَسْرُ (شَـ)ـذٍ (عَـ)ـلاَ
أي قراءة شهود أراد-فلا تسرف في القتل-الخطاب للولي أو الإنسان والياء للولي وضم القسطاس وكسره لغتان والهاء في بحرفيه للقسطاس والباء في بالقسطاس من نفس التلاوة أي وضمنا هذا اللفظ بموضعيه يعني هنا وفي الشعراء فأخبر عن الضم بالكسر على تقدير وموضع ضمنا كسر هؤلاء أي كسر ذوى شذا عال أي ذوى بقية حسنة وطيب فائق والله أعلم
(821)
وَسَيِّئَةً فِي هَمْزِهِ اضْمُمْ وَهَائِهِ وَذَكِّرْ وَلاَ تَنْوِينَ (ذِ)كْراً مُكَمَّلاَ
يريد-كل ذلك كان سيئة-فقوله ذلك إشارة إلى المنهى عنه وإذا ضممت الهمز والهاء وذكرت أي لم تجعل الهاء للتأنيث بل ضمير مذكر فلا تنوين حينئذ فيكون السيء مضافا إلى ما تقدم أي كان سيء المذكور مكروها فيكون ذلك إشارة إلى جميع ما تقدم مما وصى به الإنسان وفيه حسن وهو المأمور به وسيء وهو المنهي عنه ومكروها على القراءة بالتأنيث خبر لكان بعد خبر وقوله ذكرا مكملا مصدر مؤكد من لفظ ذكر وإن لم يكن مصدره أراد تذكيرا مكملا ويجوز أن يكون فعله مضمرا أي ذكرت ذلك ذكرا مكملا لجميع قيوده وقال الشيخ التقدير أذكر ذكرا والله أعلم
(822)
وَخَفِّفْ مَعَ الْفُرْقَانِ وَاضُمُمْ لِيَذْكُرُوا (شِـ)ـفَاءً وَفِي الْفُرْقَانِ يَذْكُرُ فُصِّلاَ
أي خفف لفظ-ليذكروا-هنا وفي الفرقان أراد-ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا-ولقد صرفناه بينهم ليذكروا-والتخفيف في هذين لحمزة والكسائي أراد تخفيف الذال والكاف وهو حذف تشديدهما وهما مفتوحان فنص على ضم الكاف ولم ينص على إسكان الذال لوضوحه وهو مضارع ذكر يذكر والمشدد مضارع تذكر والأصل ليتذكر فأدغمت التاء في الذال وقوله شفاء حال من-ليذكروا-أو من فاعل خفف واضمم أي ذا شفاء ثم ذكر أن في الفرقان موضعا آخر اختص حمزة بتخفيفه وهو-لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا