(800)
وَضُمَّ (كِـ)ـفَا (حِصْنٍ) يَضِلُّوا يَضِلَّ عَنْ وَأَفْئِدَةً بِالْيَا بِخُلْفٍ (لَـ)ـهُ وَلاَ
الكفا بكسر الكاف النظير والمثل أي ضم مماثلا لحصن فهو في موضع نصب على الحال وهو ممدود قصره ضرورة كما قصر الهاء في قوله في البيت السابق كها وصل يريد ضموا الياء من-ليضلوا عن سبيله-ومن ، (ليضل عن سبيل الله)في الحج ولقمان و (ليضل عن سبيله) في الزمر ، ووجه القراءتين ظاهر وقال صاحب التيسير هشام من قراءتي علي أبي الفتح-أفئدة من الناس-بياء بعد الهمزة قال وكذلك نص عليه الحلواني عنه قال الشيخ وذكر أبو الفتح في كتابه في قراءة السبعة وروى هشام وحده عن ابن عامر-فاجعل أفئدة-بياء ساكنة بعد الهمزة قال وهذه القراءة وجهها الإشباع والإشباع أن تزيد في الحركة حتى تبلغ بها الحرف الذي أخذت منه والغرض بذلك الفرق بين الهمزة والدال لأنهما حرفان شديدان والولاء مصدر ولى ولاء قلت الولاء النصر وهذه أيضا قراءة ضعيفة بعيدة عن فصاحة القرآن وقل من ذكرها من مصنفي القراءات بل أعرض عنها جمهور الأكابر ونعم ما فعلوا فما كل ما يروى عن هؤلاء الأئمة يكون مختارا بل قد روى عنهم وجوه ضعيفة وعجيب من صاحب التيسير كيف ذكر هذه القراء مع كونه أسقط وجوها كثيرة لم يذكرها نحو ما نبهنا عليه مما زاده ناظم هذه القصيدة وهاهنا قراءة صحيحة تروى عن عاصم وأبي عمرو-وإنما نؤخرهم ليوم-بالنون ذكرها ابن مجاهد وغيره من كبار أئمة القراءة ولم يذكرها صاحب التيسير لأنها ليست من طريق اليزيدي وقد أشبعت الكلام في هذا في الشرح الكبير في آخر سورة أم القرآن وما وزان هذه القراءة إلا أن يقال في أعمدة وأتجدة أعميدة وأتجيدة بزيادة ياء بعد الميم والجيم وكان بعض شيوخنا يقول يحتمل أن هشاما قرأها بإبدال الهمزة ياء أو بتسهيلها كالياء فعبر الراوي لها بالياء فظن من أخطأ فهمه أنها بياء بعد الهمزة وإنما كان المراد بياء عوضا من الهمزة فيكون هذا التحريف من جنس التحريف المنسوب إلى من روى عن أبي عمرو-بارئكم-و-يأمركم-ونحوه بإسكان حركة الإعراب وإنما كان ذلك اختلاسا وفي هذه الكلمة قراءة أخرى ذكرها الزمخشري في تفسيره وإن كان قدوهم في توجيهها وهي بكسر الفاء من غير همز ووجهها أنها ألقيت حركة الهمزة على الساكن قبلها وحذفت فهذه قراءة جيدة وهي صورة ما يفعله حمزة في الوقف عليها ولعل من روى قراءة الإشباع كان قد قرأها بلا همز فرد هشام عليه متلفظا بالهمزة وأشبع كسرتها زيادة في التنبيه على الهمزة فظن أن الإشباع مقصود فلزمه ورواه والله أعلم
(801)
وَفِي لِتَزُولَ الْفَتْحُ وَارْفَعْهُ (رَ)اشِداً وَمَا كَانَ لِي إِنِّي عِبَادِيَ خُذْ مُلاً
يعني فتح اللام الأولى ورفع الثانية فالهاء في ارفعه لهذا اللفظ فإن على قراءة الكسائي مخففة من الثقيلة مبالغة في الإخبار بشدة مكرهم كقوله-ومكروا مكرا كبارا-أي قد كان مكرهم من كبره وعظمه يزيل ما هو مثل الجبال في الامتناع على من أراد إزالتها في ثباتها وعلى قراءة الباقين تكون إن إما شرطية أي وإن كان مكرهم معادلا إزالة أشباه الجبال الرواسي وهي المعجزات والآيات فالله مجازيهم بمكر أعظم منه وإما أن يكون إن نافية واللام في لتزول مؤكدة لها أي وما كان مكرهم بالذي يزيل ما هو بمنزلة الجبال وهي الشرائع ودين الله تعالى فإن قلت على هذا كيف يجمع بين القراءتين ، فإن قراءة الكسائي أثبتت أن مكرهم تزول منه الجبال وقراءة غيره نفته ، قلت تكون الجبال في قراءة الكسائي إشارة إلى أمور عظيمة غير الإسلام ومعجزاته لمكرهم صلاحية إزالتها والجبال في قراءة الجماعة إشارة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الدين الحق فلا تعارض حينئذ والله أعلم ، وأريد حقيقة الجبال قراءة الكسائي كما قال سبحانه في موضع آخر (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا) ، وفي قراءة غيره أريد بالجبال ما سبق ذكره ثم ذكر الناظم ياءات الإضافة وهي ثلاثة في هذه السورة (وما كان لي عليكم من سلطان) ، فتحها حفص وحده (ربنا إني أسكنت) ، فتحها الحرميان وأبو عمرو (وقل لعبادي الذين آمنوا) ، فتحها هؤلاء وعاصم وملا جمع ملاءة أي خذ ذا ملاءة أي ذا حجج ووجوه مستقيمة وفيها ثلاث زوائد (وخاف وعيد) ، أثبتها في الوصل ورش وحده- بما أشركتمون من قبل-أثبتها في الوصل أبو عمر وحده-دعائي-أثبتها في الوصل أبو عمرو وحمزة وورش وأثبتها في الحالين البزي وحده وقلت في ذلك ، (دعائي بما أشركتمون وقوله وخاف وعيدي للزوائد أجملا)