(365)
وَالإِسْكَانُ أَصْلُ الْوَقْفِ وَهْوَ اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْوَقْفِ عَنْ تَحْرِيكِ حَرْفٍ تَعَزَّلاَ
أي اشتقاق الوقف من قولك وقفت عن كذا إذا لم تلابسه فلما كان هذا وقفا عن الإتيان بالحركة سمى وقفا لأن لغة العرب أن لا يوقف على متحرك فالأصل أن يكون الوقف بالإسكان لهذا ولأنه أخف والوقف موضع تخفيف وقوله تعزلا يعني أن الحرف صار بمعزل عن الحركة يقال اعتزله وتعزله ومنه الأعزل الذي لا سلاح معه فيجوز أن يكون تعزلا صفة لحرف وقد ذكرنا معناه ويجوز أن يكون صفة لتحريك حرف أي لتحريك انعزل عن محله ، فإن قلت في قوله وهو اشتقاقه إشكال لأن المعنى يؤول إلى تقدير والوقف اشتقاقه من الوقف ولا يكون اللفظ مشتقا من نفسه ووجه الكلام إنما يسمى وقفا من قولهم وقفت عن كذا لأنه وقف عن الحركة ، قلت يجوز أن يكون وهو ضمير الشأن لا ضمير الوقف فيلتئم الكلام ولا يتنافر وهذا الذي ذكره تبرع منه وليس في كتاب التيسير الذي نظمه
(366)
وَعِنْدَ أَبِي عَمْرٍو وَكُوفِيِّهِمْ بِهِ مِنَ الرُّوْمِ وَالإِشْمَامِ سَمْتٌ تَجَمَّلاَ
به أي فيه والهاء ضمير الوقف والسمت الهيئة والسمت الطريق والسمت القصد نفسه يقال سمت يسمت إذا قصد والسمت الناحية المقصودة وكل ذلك محتمل هنا ووصفه بالتجمل أي عندهم من ذلك أمر جميل من الاحتفال به والاهتمام بشأنه والقصد له في التلاوة به قال صاحب التيسير وردت الرواية عن الكوفيين وأبي عمرو بالوقف بالإشارة إلى الحركة سواء كانت إعرابا أو بناء والإشارة تكون روما وإشماما والباقون لم يأت عنهم في ذلك شيء واستحباب أكثر شيوخنا من أهل القرآن أن يوقف في مذاهبهم بالإشارة لما في ذلك من البيان ، قلت فهذا معنى قوله
(367)
وَأَكْثَرُ أَعْلاَمِ الْقُرَانِ يَرَاهُما لِسَائِرِهِمْ أَوْلَى الْعَلاَئِقِ مِطْوَلاَ
أعلام جمع علم يشير إلى المشايخ أهل أداء القراءة وجعلهم أعلاما لحصول الهداية بهم كالأعلام في الطرق وأضافهم إلى القرآن الذي هو اسم للكتاب العزيز لأنهم أهله أو أراد به القراءة لأنها صناعتهم وأتى به بغير همز كما في قراءة ابن كثير له كما يأتي والقرآن بمعنى القراءة وأراد في قوله تعالى (إن علينا جمعه وقرآنه) ، وقوله يراهما يعني الروم والإشمام لسائرهم أي لباقي القراء السبعة وهم نافع وابن كثير وابن عامر والعلائق جمع علاقة والمطول الحبل ونصبه على التمييز أي يراهما أولى حبل يتعلق به والحبل يكنى به عن السبب الموصل إلى المطلوب فكأنه قال أولى الأسباب سببا أو يكون العلائق البضائع ومطولا حال من الضمير المستتر في يراهما الراجع على أكثر ، قال الشيخ لأنه يكون بذلك سببا للطول أو الطول
(368)
وَرَوْمُكَ إِسْمَاعُ المُحَرَّكِ وَاقِفًا بِصَوْتٍ خَفِيٍّ كُلَّ دَانٍ تَنَوَّلاَ
أخذ يبين حقيقة الروم فقال هو أن تسمع الحرف المحرك احترازا من الساكن في الوصل نحو (لم يلد ولم يولد) ، فهذا لا روم فيه إنما يكون الروم في المحرك في حالة الوصل فترومه في الوقف بأن تسمع كل قريب منك ذلك المحرك بصوت خفي قال في التيسير هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفيا يدركه الأعمى بحاسة سمعه وقال الشيخ هو الإشارة إلى الحركة مع صوت خفي وكلاهما واحد وهذا أخصر فقول الناظم كل دان مفعول إسماع والمفعول الأول أضيف إليه إسماع وهو المحرك أراد إسماعك المحرك كل قريب منك كقولك أسمعت زيدا كلاما ، وقوله واقفا حال من فاعل إسماع وتنولا صفة لدان وهو مطاوع نولته أي أعطيته نوالا كأنه يشير إلى السماع أي كل دان سامع منصت لقراءتك فهو المدرك لذلك بخلاف غيره من غافل أو أصم وقال صاحب صحاح اللغة روم الحركة الذي ذكره سيبويه هي حركة مختلسة مخفاة بضرب من التخفيف وهي أكثر من الإشمام لأنها تسمع وهي بزنة الحركة وإن كانت مختلسة مثل همزة بين بين ثم أخذ يبين الإشمام فقال
(369)
وَالاِشْمَامُ إِطْبَاقُ الشِّفَاهِ بُعَيْدَ مَا يُسَكَّنُ لاَ صَوْتٌ هُنَاكَ فَيَصْحَلاَ
أي بعد ما يسكن الحرف المحرك والشفاه بالهاء جمع شفة وإنما جمع اعتبارا بالقارئين أو هو من باب قولهم هو عريض الحواجب عظيم المناخر ويقال صحل صوته بكسر الحاء يصحل بفتحها إذا صار أبح أي كانت فيه بحوحة لا يرتفع الصوت معها فكأنه أشبه إضعاف الصوت في الروم بذلك فقال ليس في الإشمام مثل ما في الروم قال في التيسير الإشمام ضمك شفتيك بعد سكون الحرف أصلا ولا يدرك معرفة ذلك الأعمى لأنه لرؤية العين لا غير إذ هو إيماء بالعضو إلى الحركة وقال الشيخ هو الإشارة إلى الحركة من غير تصويت وقال في موضع آخر حقيقته أن تجعل شفتيك على صورتهما إذا لفظت بالضمة وقال الجوهري إشمام الحرف أن تشمه الضمة أو الكسرة وهو أقل من روم الحركة لأنه لا يسمع وإنما يتبين بحركة الشفة العليا ولا يعتد بها حركة لضعفها والحرف الذي فيه الإشمام ساكن أو كالساكن ، قلت وهذا خلاف ما يقوله القراء والنحاة في حقيقة الإشمام وفي محله أيضا لكن قال مكي قد روى عن الكسائي الإشمام في المخفوض قال وأراه يريد به الروم لأن الكوفيين يلقبون ما سميناه روما إشماما وما سميناه إشماما روما ، قلت فعبر الجوهري بما لا يوافق المذهبين فكأنه كان في ذلك بين بين وقال أبو علي في التكملة الإشمام هو أن تضم شفتيك بعد الإسكان وتهيئهما للفظ بالرفع أو الضم وليس بصوت يسمع وإنما يراه البصير دون الأعمى وذكر نصر بن علي الشيرازي في كتابه الموضح أن الكوفيين ومن تابعهم ذهبوا إلى أن الإشمام هو الصوت وهو الذي يسمع لأنه عندهم بعض حركة والروم هو الذي لا يسمع لأن روم الحركة من غير تفوه به ، قال والأول هو المشهور عند أهل العربية ، قلت وزعم بعضهم أن ابن كيسان ومن وافقه من الكوفيين ترجموا عن الإشمام بالروم وعن الروم بالإشمام وزعموا أن ذلك أقرب إلى استعمال اللفظين في وضع اللغة ولا مشاحة في التسمية إذا عرفت الحقائق ، ثم ذكر الناظم مواضع استعمال الروم والإشمام فقال
(370)
وَفِعْلُهُماَ في الضَّمِّ وَالرَّفْعِ وَارِدٌ وَرَوْمُكَ عِنْدَ الْكَسْرِ وَالْجَرِّ وُصِّلاَ
أي فعل الروم والإشمام ورد عنهم في المضموم والمرفوع ويختص الروم بالمكسور والمجرور
وَالإِسْكَانُ أَصْلُ الْوَقْفِ وَهْوَ اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْوَقْفِ عَنْ تَحْرِيكِ حَرْفٍ تَعَزَّلاَ
أي اشتقاق الوقف من قولك وقفت عن كذا إذا لم تلابسه فلما كان هذا وقفا عن الإتيان بالحركة سمى وقفا لأن لغة العرب أن لا يوقف على متحرك فالأصل أن يكون الوقف بالإسكان لهذا ولأنه أخف والوقف موضع تخفيف وقوله تعزلا يعني أن الحرف صار بمعزل عن الحركة يقال اعتزله وتعزله ومنه الأعزل الذي لا سلاح معه فيجوز أن يكون تعزلا صفة لحرف وقد ذكرنا معناه ويجوز أن يكون صفة لتحريك حرف أي لتحريك انعزل عن محله ، فإن قلت في قوله وهو اشتقاقه إشكال لأن المعنى يؤول إلى تقدير والوقف اشتقاقه من الوقف ولا يكون اللفظ مشتقا من نفسه ووجه الكلام إنما يسمى وقفا من قولهم وقفت عن كذا لأنه وقف عن الحركة ، قلت يجوز أن يكون وهو ضمير الشأن لا ضمير الوقف فيلتئم الكلام ولا يتنافر وهذا الذي ذكره تبرع منه وليس في كتاب التيسير الذي نظمه
(366)
وَعِنْدَ أَبِي عَمْرٍو وَكُوفِيِّهِمْ بِهِ مِنَ الرُّوْمِ وَالإِشْمَامِ سَمْتٌ تَجَمَّلاَ
به أي فيه والهاء ضمير الوقف والسمت الهيئة والسمت الطريق والسمت القصد نفسه يقال سمت يسمت إذا قصد والسمت الناحية المقصودة وكل ذلك محتمل هنا ووصفه بالتجمل أي عندهم من ذلك أمر جميل من الاحتفال به والاهتمام بشأنه والقصد له في التلاوة به قال صاحب التيسير وردت الرواية عن الكوفيين وأبي عمرو بالوقف بالإشارة إلى الحركة سواء كانت إعرابا أو بناء والإشارة تكون روما وإشماما والباقون لم يأت عنهم في ذلك شيء واستحباب أكثر شيوخنا من أهل القرآن أن يوقف في مذاهبهم بالإشارة لما في ذلك من البيان ، قلت فهذا معنى قوله
(367)
وَأَكْثَرُ أَعْلاَمِ الْقُرَانِ يَرَاهُما لِسَائِرِهِمْ أَوْلَى الْعَلاَئِقِ مِطْوَلاَ
أعلام جمع علم يشير إلى المشايخ أهل أداء القراءة وجعلهم أعلاما لحصول الهداية بهم كالأعلام في الطرق وأضافهم إلى القرآن الذي هو اسم للكتاب العزيز لأنهم أهله أو أراد به القراءة لأنها صناعتهم وأتى به بغير همز كما في قراءة ابن كثير له كما يأتي والقرآن بمعنى القراءة وأراد في قوله تعالى (إن علينا جمعه وقرآنه) ، وقوله يراهما يعني الروم والإشمام لسائرهم أي لباقي القراء السبعة وهم نافع وابن كثير وابن عامر والعلائق جمع علاقة والمطول الحبل ونصبه على التمييز أي يراهما أولى حبل يتعلق به والحبل يكنى به عن السبب الموصل إلى المطلوب فكأنه قال أولى الأسباب سببا أو يكون العلائق البضائع ومطولا حال من الضمير المستتر في يراهما الراجع على أكثر ، قال الشيخ لأنه يكون بذلك سببا للطول أو الطول
(368)
وَرَوْمُكَ إِسْمَاعُ المُحَرَّكِ وَاقِفًا بِصَوْتٍ خَفِيٍّ كُلَّ دَانٍ تَنَوَّلاَ
أخذ يبين حقيقة الروم فقال هو أن تسمع الحرف المحرك احترازا من الساكن في الوصل نحو (لم يلد ولم يولد) ، فهذا لا روم فيه إنما يكون الروم في المحرك في حالة الوصل فترومه في الوقف بأن تسمع كل قريب منك ذلك المحرك بصوت خفي قال في التيسير هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفيا يدركه الأعمى بحاسة سمعه وقال الشيخ هو الإشارة إلى الحركة مع صوت خفي وكلاهما واحد وهذا أخصر فقول الناظم كل دان مفعول إسماع والمفعول الأول أضيف إليه إسماع وهو المحرك أراد إسماعك المحرك كل قريب منك كقولك أسمعت زيدا كلاما ، وقوله واقفا حال من فاعل إسماع وتنولا صفة لدان وهو مطاوع نولته أي أعطيته نوالا كأنه يشير إلى السماع أي كل دان سامع منصت لقراءتك فهو المدرك لذلك بخلاف غيره من غافل أو أصم وقال صاحب صحاح اللغة روم الحركة الذي ذكره سيبويه هي حركة مختلسة مخفاة بضرب من التخفيف وهي أكثر من الإشمام لأنها تسمع وهي بزنة الحركة وإن كانت مختلسة مثل همزة بين بين ثم أخذ يبين الإشمام فقال
(369)
وَالاِشْمَامُ إِطْبَاقُ الشِّفَاهِ بُعَيْدَ مَا يُسَكَّنُ لاَ صَوْتٌ هُنَاكَ فَيَصْحَلاَ
أي بعد ما يسكن الحرف المحرك والشفاه بالهاء جمع شفة وإنما جمع اعتبارا بالقارئين أو هو من باب قولهم هو عريض الحواجب عظيم المناخر ويقال صحل صوته بكسر الحاء يصحل بفتحها إذا صار أبح أي كانت فيه بحوحة لا يرتفع الصوت معها فكأنه أشبه إضعاف الصوت في الروم بذلك فقال ليس في الإشمام مثل ما في الروم قال في التيسير الإشمام ضمك شفتيك بعد سكون الحرف أصلا ولا يدرك معرفة ذلك الأعمى لأنه لرؤية العين لا غير إذ هو إيماء بالعضو إلى الحركة وقال الشيخ هو الإشارة إلى الحركة من غير تصويت وقال في موضع آخر حقيقته أن تجعل شفتيك على صورتهما إذا لفظت بالضمة وقال الجوهري إشمام الحرف أن تشمه الضمة أو الكسرة وهو أقل من روم الحركة لأنه لا يسمع وإنما يتبين بحركة الشفة العليا ولا يعتد بها حركة لضعفها والحرف الذي فيه الإشمام ساكن أو كالساكن ، قلت وهذا خلاف ما يقوله القراء والنحاة في حقيقة الإشمام وفي محله أيضا لكن قال مكي قد روى عن الكسائي الإشمام في المخفوض قال وأراه يريد به الروم لأن الكوفيين يلقبون ما سميناه روما إشماما وما سميناه إشماما روما ، قلت فعبر الجوهري بما لا يوافق المذهبين فكأنه كان في ذلك بين بين وقال أبو علي في التكملة الإشمام هو أن تضم شفتيك بعد الإسكان وتهيئهما للفظ بالرفع أو الضم وليس بصوت يسمع وإنما يراه البصير دون الأعمى وذكر نصر بن علي الشيرازي في كتابه الموضح أن الكوفيين ومن تابعهم ذهبوا إلى أن الإشمام هو الصوت وهو الذي يسمع لأنه عندهم بعض حركة والروم هو الذي لا يسمع لأن روم الحركة من غير تفوه به ، قال والأول هو المشهور عند أهل العربية ، قلت وزعم بعضهم أن ابن كيسان ومن وافقه من الكوفيين ترجموا عن الإشمام بالروم وعن الروم بالإشمام وزعموا أن ذلك أقرب إلى استعمال اللفظين في وضع اللغة ولا مشاحة في التسمية إذا عرفت الحقائق ، ثم ذكر الناظم مواضع استعمال الروم والإشمام فقال
(370)
وَفِعْلُهُماَ في الضَّمِّ وَالرَّفْعِ وَارِدٌ وَرَوْمُكَ عِنْدَ الْكَسْرِ وَالْجَرِّ وُصِّلاَ
أي فعل الروم والإشمام ورد عنهم في المضموم والمرفوع ويختص الروم بالمكسور والمجرور