(342)
لَعِبْرَهْ مِائَهْ وِجْهَهْ وَلَيْكَهْ وَبَعْضُهُمْ سِوى أَلِفٍ عِنْدَ الْكِسَائي مَيَّلاَ
أراد قوله تعالى (إن في ذلك لعبرة) ، فهذا مثال ما قبله ساكن بعد كسر ومثله ولكل وجهة ومثال ما قبله كسر (فإن يكن منكم مائة) ، ومثال ما قبله ياء (أصحاب الأيكة) ، ووقع في نظم البيت (ليكة) ، باللام وهذا وإن كان قرئ به في سورتي الشعراء و(ص) فليس صاحب الإمالة ممن قرأ هذه القراءة فالأولى أن يقع المثال بما هو قراءة له فيقال وأيكة بهمزة قبل الياء ولا يضر حذف لام التعريف فإنها منفصلة من الكلمة تقديرا ، ووجه ثان وهو أن الأيكة جاءت في القرآن في غير هاتين السورتين غير مقروءة باللام بإجماع على ما في التيسير ونظمه فإذا وقع المثال بهمزة عم جميع المواضع مع موافقة القراءة بخلاف التمثيل بقراءة اللام ولعله أراد (الأيكة) ، على قراءته وإنما نقل حركة الهمزة إلى اللام لضرورة النظم كما يقرأ ورش فالصواب كتابته على هذه الصورة في هذا البيت ليشعر بذلك ولا يوهم أنه أراد تلك القراءة فهو كقوله في الأنعام (والآخرة) ، المرفوع بالخفض-و-كلا-والله أعلم ، ثم قال وبعضهم أي وبعض المشايخ من أهل الأداء ميل ، للكسائي جميع الحروف قبل هاء التأنيث مطلقا من غير استثناء شئ إلا الألف قال صاحب التيسير والنص عن الكسائي في استثناء ذلك معدوم وبإطلاق القياس في ذلك قرأت على أبي الفتح عن قراءته ، ثم قال والأول أختار إلا ما كان قبل الهاء فيه ألف فلا تجوز الإمالة فيه وقال في كتاب الإمالة لم يستثن خلف عن الكسائي شيئا وكذلك بلغني عن أبي مزاحم الخاقاني وكان من أضبط الناس لحرف الكسائي وإليه ذهب أبو بكر ابن الأنباري وجماعة من أهل الأداء والتحقيق وبه قرأت على شيخنا أبي الفتح عن قراءته على أصحابه قال وكان أبو بكر بن مجاهد وأبو الحسين بن المنادى وأبو طاهر بن أبي هاشم وجميع أصحابهم يخصون من ذلك بالفتح ما كان فيه قبل هاء التأنيث أحد عشرة أحرف فذكرها ثم قال جعلوا للهمزة والراء والكاف إذا وقعت قبل هاء التأنيث أحوالا فأمالوا بعضا وفتحوا بعضا ثم شرح ذلك على نحو ما تقدم فأما الألف قبل هاء التأنيث فأتت في عشر كلم (الصلاة-و-الزكاة-و-الحياة-و-النجاة-و-منوة-و-هيهات هيهات-و-ذات-و-لات-و-اللات) ، لأن الكسائي يقف على هذه الكلم الخمس بالهاء وهو وغيره يقفون على ما عداها كذلك فلا تمال الهاء في هذه الكلم العشر لأنه يلزم من ذلك إمالة الألفات وهي لا تقبل الإمالة لأنها من ذوات الواو في بعضها ومجهولة في بعضها ولا حظ للجميع في الإمالة فلو وقعت إمالة لظن أنها للألف لا للهاء لأن الألف هي الأصل في الإمالة والهاء فرع لها ومشبهة بها ألا ترى أن (تقاة-و-مرضات-و-مزجاة-و-التوراة-و-كمشكاة) ، معدودة في باب إمالة الألف لا في باب إمالة الهاء وذكر مكي في-مناة-خلافا مبنيا على أصل الألف واختار عدم الإمالة وذكر الداني في ألف الحياة خلافا أنها منقلبة عن واو وعن ياء وإنما لم تمل على هذا القول لكونها مرسومة في المصحف بالواو والله أعلم