نحن نتذكر ما يستهوينا وما نحبه
تعتمد الذاكرة القوية على التركيز الشديد، والتركيز ينبع من درجة استهواء الأشياء الشيقة لنا
هل من الممكن أن نجعل الذاكرة قوية وحادة؟
الإجابة بالتأكيد نعم..
لأننا عندما نقول أن شخصاً ما يمتلك ذاكرة حادة، فإننا نعني أنه يتذكر الأشياء التي تستهويه.
وهذه تجربة بسيطة لتوضيح الفكرة:
> حاول أن تتذكر هذه المجموعة من الكلمات في دقيقتين:
(ب ك ت أ ، ث ر ل ، و س ، ش ز أ)
هل تجد صعوبة في تذكر هذه المجموعة البسيطة؟
> حاول أن تتذكر المجموعة الثانية:
(أهمية ، خوف ، فكرة ، ضوضاء ، صحة ، وزن)
> المجموعة الثالثة:
(موز ، ساعة ، أرنب ، منضدة ، قطة ، آلة كاتبة ، تلفاز)
> المجموعة الرابعة:
(هذا الموضوع يساعدك على تنمية ذاكرتك)
إن معظم الذين يقومون بهذه التجربة يجدون مشقة في تذكر أي كلمة من كلمات المجموعة الأولى، ولكنهم يتذكرون بسهولة عدداً أكثر من كلمات المجموعة الثالثة، والسبب في ذلك هو أن المجموعة الأولى تحتوي على كلمات ليس لها معنى، أما المجموعتان الثانية والثالثة فتحتوي كل منهما على كلمات ذات معنى، إلا أن كلمات المجموعة الثالثة تحظى بفرصة أكبر للتذكر لأنها تعبر عن أشياء مادية يمكن رؤيتها بالعين فتتخيلها الذاكرة وتثبت فيها، على حين أن المجموعة الثانية تعبر عن أشياء معنوية ذات معنى.
وبالنسبة لكلمات المجموعة الرابعة فهي الأقرب للتذكر، لأنها تامة وتعني شيئاً ما.
أهمية المعنى المتكامل:
إذا أردت أن تتذكر شيئاً، لابد أن يكون له معنى وتستطيع أن تراه أو تتخيله وهذه قاعدة هامة للتذكر
>> ليس هناك خوف من عدم القدرة على الاستيعاب، لأن بنك الذاكرة، يمكنه أن يستوعب المعلومات بلا حدود، إن جهاز المخ – المعجز– يقوم بإجراء التعديلات الداخلية اللازمة لتلقي المعلومات مهما كان حجمها ولكن المهم هنا أن تكون المعلومات ذات معنى وجاذبية، وشيقة بالنسبة إليك.
هناك دراسة أجريت عام 1968 بواسطة الباحثة أ.ر. لوريا التي قامت بإجراء اختبارات على الاستعراض الذي قدمه س.ف. شيرشفسكي – وهو مراسل صحفي – حيث يستطيع أن يحفظ أي شيء، ابتداءً من الكلمات التي ليس لها معنى، إلى المسائل الحسابية المعقدة، وبمجرد أن ينظر إلى لوحة تحتوي على خمسين رقماً – لمدة ثلاث دقائق فقط – يستطيع أن يصف ما رآه وكأنه أمام عينه!!! والغريب أن الباحثة لوريا توصلت إلى أن ذاكرته القوية الرائعة هذه يمكن أن تكون أساساً لقدرات أي إنسان عادي.
> المهارات والمعلومات
هناك اتجاهان أساسيان لمجالات عمل الذاكرة:
الاتجاه الأول يختص بمجال تعلم المهارات، مثل ركوب الدراجة، أو قيادة السيارة، ويشار إلى ذلك بمجال عمل الذاكرة الإجرائية.
الاتجاه الثاني هو مجال تعلم الحقائق والمعلومات، وهو ما يشار إليه بمجال عمل ذاكرة الحقائق..
هذا من ناحية مجالات العمل
وهناك تقسيم آخر يتناول قدرات الذاكرة فهناك
الذاكرة مقيدة المدى أو قصيرة المدى ( STM ) وهي مرحلة مؤقتة من تخزين المعلومات، لكنها تسمح بالانتقال إلى الذاكرة طويلة المدى بعد ذلك، وهي تتعامل بصفة أساسية مع المثيرات التي لا تحتاج إلى تخزين طويل.
الذاكرة طويلة المدى ( LTM ) وهي التي يستطيع الإنسان أن يحتفظ فيها بحجم هائل من المعلومات ومقدار كبير من الحقائق، وأن يستدعي ذلك كله بعد أن تنقضي فترات زمنية طويلة، قد تمتد إلى ساعات أو أيام، أو أسابيع، أو أعوام، بل قد تمتد مدى حياة الإنسان.
والآن ما هو سر ذاكرة المراسل الصحفي الفذة؟؟
يقول علماء النفس ومنهم العالم تشيس ( CHASE ) والعالم الداهية أريكسون ( ERICSSON ) أنه لا يوجد ما هو خارق في هذه الظاهرة ......
إن أهم شيء للذاكرة الممتازة هو : الاستهواء والتدريب وهما شيئان مهمان جداً جداً جداً ...
الذاكرة السمعية والذاكرة البصرية:
يمتلك بعض الأشخاص ذاكرة بصرية قوية، بحيث يمكنهم أن يتذكروا جيداً ما يرونه بأعينهم مجرد مرة واحدة،،،
ويمتلك آخرون ذاكرة سمعية قوية حيث يتذكر الشخص منهم ما يسمعه جيداً، فإذا ما قرأ أحد شيئاً بصوت مرتفع على مسمع منه، استطاع هذا الشخص حفظه وترديده في أي وقت.
تجربة 1:
اقرأ بعينك – دون أن تصدر صوتاً – فقرة من كتاب وحاول أن تسترجع ما قرأت لتكتشف قدرة ذاكرتك البصرية.
تجربة 2 :
اطلب من أحد أصدقائك أن يقرأ عليك فقرة من كتاب بصوت مسموع وحاول أن تسترجعها لتكتشف قدرة ذاكرتك السمعية.
وإلى جانب هذه القدرات هناك قدرات لأنواع مختلفة من الذاكرة مثل تذكر الروائح والمذاق وملمس المواد مثلاً..
كيف تعمل الذاكرة؟
إن قدرة على تصنيف وتخزين وتذكر المعلومات يمكنها أن تهزم أفضل كمبيوتر في العالم!!
عناصر التذكر الأساسية:
1.الاهتمام بالموضوع المراد تذكره
لإبراز عملية الاهتمام اسأل نفسك:
- لماذا يجب علي أن أتذكر؟
- ما هي الفوائد الكثيرة التي سأجنيها من التذكر؟
إذا كان هناك سبب واحد أو اثنان فهذا لا يكفي، يجب أن تكون هناك عدة أسباب كافية.
2.المخيلة أو القدرة على التصور
تعتمد الذاكرة على المخيلة، فمن دونها لا نستطيع أن نتذكر،، كلما كانت قدرتنا على التصور أفضل، كانت فرصتنا على التذكر أكبر.
3.الحافز
كلما وجدنا حوافز وفوائد للتذكر ، كانت فرصتنا للتذكر أفضل،، إذا قلت لكم هذا مليون درهم واحفظوا كتاباً من ألف صفحة خلال ساعة فالأغلب أنكم لن توفروا أية فرصة لحفظه.
4.التحضير النفسي والبرمجة المستمرة
الاعتقاد الكلي أن ذاكرتك جيدة وأنه يمكنك تطويرها دائماً، لأن ما تردده لنفسك دائماً، يترسخ في ذهنك (أو عقلك الباطن) كحقيقة واقعة.
ردد دائماً في نفسك (ذاكرتي جيدة) و (ذاكرتي في تحسن مستمر) أو تمرين 21×14 ،، ستندهش للنتائج الفعالة التي ستستلمها بعد فترة بسيطة.
القواعد الأساسية للتذكر
القاعدة الأولى
يفكر العقل بالصور.
> إذا قلت لكم (سيارة) أنتم لا ترون الأحرف (س ي ا ر ة) إنما ترون في ذهنكم صورة سيارة.
القاعدة الثانية
يتذكر العقل كل ما هو لا منطقي، مضحك، أكبر أو أصغر من حجمه الطبيعي، غريب أو شاذ.
> إذا كنا في مكان يعج بالناس (100 شخص) وكان هناك شخص يضع نظارة أكبر من وجهه خمس مرات، فمن هو الشخص الذي سنتذكره أكثر من أي شخص آخر؟ طبعاً هذا الشخص لأنه شاذ عن القاعدة.
> إذا دخلنا إلى قاعة ودخل كل الناس من الباب إلا شخصاً واحداً دخل من الشباك، من هو الشخص الذي يرسخ في ذهننا أكثر من غيره؟ طبعاً الذي دخل من الشباك.
القاعدة الثالثة
كلما كانت هناك علاقة بين شيئين فإننا نتذكرهما بشكل أفضل.
ليس ما نأكله بل ما نهضمه يجعلنا ننمو ونكبر
ليس ما نربحه بل ما نوفره يجعلنا أغنياء
ليس ما نتعلمه بل ما نتذكره يجعلنا مثقفين
يتسع مخ الإنسان لمساحات هائلة من المعرفة، تكفي لتخزين آلاف المعلومات الجديدة كل ثانية، ابتداءً من لحظة الولادة وحتى آخر مراحل الشيخوخة وتوقف الدماغ أو المخ عن العمل، ومعنى ذلك أنه لا توجد حدود لحجم المعلومات التي تستطيع أن تسجلها في ذاكرتك...
أولاً أريد أن أقول أن العناصر الأساسية للتذكر والقواعد الأساسية للتذكر والتي ذكرناها في المرة السابقة مهمة جداً جداً جداً،، لذا أرجو أن تتكرموا بقراءتها ومراجعتها مرة أخرى .....
والآن .. هيا بنا نحاول أن نتذكر هذه المجموعة من الكلمات بعد قراءتها مرة واحدة بصوت مرتفع لتنشيط الذاكرة السمعية والذاكرة البصرية معاً:
زجاجة .. عرض .. كتاب .. ماء .. طباعة
نهر .. جائزة .. حبر .. زهور .. زجاج
شيء مهم جداً أن تمارس التدريبات المذكورة أولاً بأول كي تعي فائدة التمرين ،، أما إذا لم تقم بالتمارين المذكورة فإنك لن تستفيد شيئاً .. التمارين سهلة وبسيطة ،، ومن خلالها ستعرف أن التذكر أمر سهل جداً جداً
هل انتهيت؟؟
ماذا وجدت بعد التجربة؟ لا بد من أنك قد وجدت صعوبة في تذكرها، أليس كذلك؟
الآن حاول مرة أخرى بعد ترتيبها بهذا الشكل:
زهور .. عرض .. جائزة .. كتاب .. طباعة
حبر .. زجاجة .. زجاج .. ماء .. نهر
ستجد الأمر في هذه المرة أكثر سهولة لوجود عوامل ربط تساعد على التذكر:
فهناك عامل ربط بين (الزهور) و(العرض)، و(الجوائز) تقدم في (معارض) (الزهور)، وما هي (الجائزة) المفيدة أكثر من (كتاب) و(الكتاب) يتطلب (طباعة) و(الطباعة) تحتاج إلى (حبر) و(الحبر) يحتفظ به في (زجاجة)، و(الزجاجة) تصنع من (الزجاج)، و(الزجاج) تصنع منه الأكواب التي يمكن ربطها بـ (الماء) ومن (الماء) تتجه بالذاكرة إلى (النهر)..
والإنسان الذي يحب الزهور سيتذكر هذا التسلسل من الكلمات كاملاً بيسر وسهولة، حيث ستجعل الزهور إحساسه يستيقظ، وخياله يسبح وينطلق لربط الأشياء بتنسيق منطقي بعضها ببعض وسينشط عقله في هذا الاتجاه .. وهكذا، إذا أثارت انتباهك الكلمة التي تستهويك، فيمكنك أن تبدأ بها، وتربط بينها وبين الكلمات الأخرى .. وسوف تتذكرها بسهولة ..
والآن ماذا تفعل إذا جلست تستذكر دروسك؟
حاول أولاً أن تربط بين ما في الكتاب وبين ما تراه أمامك في حياتك اليومية، وما يثير انتباهك منها .. وبهذه الطريقة تجد الاستذكار أكثر سهولة..
يتكون منهج تنمية الذاكرة من مجموعة من العناصر الفعالة التي تساعد على تحقيق ذاكرة أفضل .. وتأتي هذه العناصر بالترتيب على النحو التالي:
1.الإدراك.
2.الانتباه.
3.إعادة التنظيم.
4.التدريب.
5.التناغم والانسجام.
6.القدرة على الربط.
1. الإدراك:
يرتبط الإدراك بالحواس، مثل العيون والأذن والأنف والجلد...
إذا نظرت إلى شيء ما فإن حاسة البصر تنشط، ويمكنك أن تجعلها تتحول إلى عملية ملاحظة إذا وجهت إليها درجة أكبر من التركيز والانتباه ،،، نفس الشيء بالنسبة للسمع .. حيث يمكن أن تتحول عملية الاستماع إلى عملية إنصات عميق إذا وجهت إليها انتباهك الكامل وتركيزك الشديد
لا بد هنا من أن تدرب نفسك على تنشيط إحساس مرهف حتى تستطيع الإنصات والملاحظة..
2. الانتباه:
يحتل الانتباه موقعاً هاماً في منهج تنمية وتطوير الذاكرة ،، والانتباه هو قرين الاستهواء..
تحتاج خطوات تنمية الذاكرة إلى عقل شديد الحساسية والانتباه،، ومن المعروف أن العقل يكون في حالة انتباه كامل بالنسبة للأشياء التي نحبها..
ومن هنا يمكننا أن نرفع درجة الإحساس والانتباه في العقل إذا تعلمنا أن نحب الأشياء التي نريد أن نحفظها، إما لذاتها، أو لأنها ترتبط بشيء نحبه حباً جما ..
3. إعادة التنظيم:
من الطبيعي أن يكون تنظيم الأشياء وتصنيفها وترتيبها ضرورياً لنجاح عملية تنمية الذاكرة ،، من الأمثلة على ذلك: دليل التليفونات يحتوي على آلاف الأسماء، المرتبة والمقسمة حسب نظام الحروف الأبجدية، الأمر الذي يسهل عملية البحث والعثور على أي اسم نريده بسرعة ،،، لكن تخيل دليل التليفونات بلا تنظيم، إن هذا يجعل العثور على أي اسم نريده ضرباً من المستحيل..
4. التدريب:
الاستمرار والمواظبة على التدريب عامل مهم لتنمية ذاكرة أفضل..
5. التناغم والانسجام:
إن إزالة التوتر والاضطراب من المخ شرط أساسي لتنمية الذاكرة القوية.. ويمكن تحقيق هدوء العقل حتى بالوسائل الطبيعية، مثل تمارين التنفس بعمق أو التأمل،، ويمكنك في الساعات الأولى من الصباح أو في الساعات المتأخرة من الليل ممارسة عملية الحفظ، لأن هذه الأوقات تكاد تكون خالية من القلق والإزعاج الذي نعاني منه خلال ساعات اليوم..
6. القدرة على الربط:
في التمرين السابق، ربطنا بين الكلمات (طباعة، حبر، زجاج)...
إذا أردت أن تحفظ الرقم 224 6488 فقد تجد أن الرقم 224 يعني لك شيئاً مثل أن يكون رقم شقتك..
وهذه بعض أساليب الربط بين الأشياء، حيث يتم إحداث وإجراء العلاقة من خلالها:
> التشابه. > التنظيم. > المقابل والمضاد.
> التصنيف. > التصور. > الرمز. > التجميع.
> السبب. > الصوت.
<> التشابه ،، يتم تصوره في الشكل والمعنى، ويساعد على ربط الكثير من الكلمات مثل: أسد وليث، مهر وحصان، سعيد وفرح، وهكذا ..
<> وتعتمد القافية على التشابه في الصوت الذي يساعد على تذكر الكلمات .. مثل:
سألتك يا صخرة الملتقى .... متى يجمع الدهر ما فرقا؟
<> المقابل والمضاد ،، مثل: ساخن وبارد، صيف وشتاء، فإنك إذا تذكرت الكلمة تستطيع أن تتذكر مقابلها بسهولة..
<> وتعتبر عملية التصنيف من أفضل الأساليب للتذكر، فتقول مثلاً: القاهرة، لندن، دمشق .. من العواصم وتقول: الثعبان، السحلية، التمساح .. من الزواحف وهكذا..
<> وبالنسبة للتصور، فإن كل ما تسمعه تستطيع أن تتصوره في عقلك عن طريق ملكة التخيل..
<> يعتبر الدفء رمزاً وصفة للصيف، كما أن السخونة رمز وصفة للنار .. وهذه الرموز والصفات تساعد على تذكر الكلمات..
<> أما التجميع فهو طريقة مهمة للربط .. فمثلاً يمكنك أن تربط بين الأشخاص الذين يعيشون سوياً بصفة دائمة مثل الأزواج، أو الذين يتعاملون مع بعضهم البعض مثل زملاء العمل أو أفراد الأسرة .. كما يمكنك أن تربط بين هذا وبين تواريخ معينة ..
<> وهناك أسلوب هام آخر من أساليب الربط يعتمد على السبب والتأثير .. مثل الربط بين الأمطار والمحاصيل .. أو البحر والأسماك ،، وهكذا..
ملاحظة مهمة: (المراجعة) ....
المراجعة الأولى بعد 10 دقائق..
المراجعة الثانية بعد 24 ساعة..
المراجعة الثالثة بعد أسبوع..
المراجعة الرابعة بعد شهر..
المراجعة الخامسة بعد 6 أشهر..>> إلى الذاكرة بعيدة المدى..
ولكن معظم المواضيع تستطيع حفظها من أول مرة أو بعد مراجعتين ،، إذا اتقنت أساليب الذاكرة التي نستعرضها هنا..