وَمِنْ قَبْلِ هَمْزِ الْقَطْعِ صِلْهَا لِوَرْشِهِمْ وَأَسْكَنَهاَ الْبَاقُونَ بَعْدُ لِتَكْمُلاَ
كان يلزمه أن يذكر مع ورش ابن كثير وقالون لئلا يظن أن هذا الموضع مختص بورش كما قال في باب الإمالة رمى صحبة ولو قال ومن قبل همز القطع وافق ورشهم لحصل الغرض ، ومعنى البيت أن ورشا يقرأ مثل قراءة ابن كثير إذا كان بعد الميم همزة قطع وهي التي تثبت في الوصل نحو (عليهم - أأنذرتهم أم لم - ومنهم أميون - إنا معكم إنما) ، لكن ورشا يكون أطول مدا من ابن كثير على أصله وإنما خص ورش الصلة بما كان قبل همزة لحبه المد وإيثاره له ولهذا مد ما بعد الهمزة في وجه كما سيأتي وأراد أيضا الجمع بين اللغتين كما قال امرؤ القيس ، (أمرخ خيامهمو أم عشر أم القلب في إثرهم منحدر) ، وخص ذلك ليستعين بالمد على النطق بالهمز ، قال أبو علي كأنه أحب الأخذ باللغتين وكان المد قبل الهمزة مستحبا ، واعتل له المهدوي وغيره بما يلزمه من نقل الحركة على أصله ولو نقل إليها لتحركت بالضم والفتح والكسر فآثر أن يحركها بحركتها الأصلية ولا تعتورها الحركات العارضة والهاء في صلها وأسكنها تعود على ميم الجمع وإنما بين قراءة الباقين أنها بالإسكان لئلا يظن أنها بترك الصلة ولا يلزم من ترك الصلة الإسكان إذ ربما تبقى الميم مضمومة من غير صلة كما يفعل في هاء الكناية وهو المعبر عنه ثم بالقصر وسيأتي ولم يقرأ بذلك في الميم لقوتها واستغنائها عن الحركة ولما كانت الهاء خفية ضعيفة قويت بالحركة تارة وبها وبالصلة أخرى وقوله بعد متعلق بالباقون أي الذين بقوا في ذكرى بعد ذكر من وصل ولا يجوز تعلقه بأسكنها لأن من المسكنين من سبق الواصلين في الزمان كابن عامر إلا على تأويل ترتيب الذكر فيرجع إلى المعنى الأول ويجوز أن يتعلق بمحذوف ولتكملا أيضا متعلق به أي أعلمتك بقراءة الباقين بعد ما ذكرت قراءة الواصلين لتكمل وجوه القراءة في ميم الجمع وإن علقنا بعد بالباقون كان لتكملا متعلقا بأسكنها واللام للعاقبة لأنهم لم يسكنوها لهذه العلة وإنما كانت العاقبة ذلك ، ويجوز على هذا أن يتعلق اللام بصلها والواو في وأسكنها للحال أي صلها لورش في الحال التي أسكنها فيها الباقون لتكمل وجوهها وإسكان ميم الجمع هو اللغة الفصيحة الفاشية ، وقد وافق من وصلها على ترك الصلة في الوقت وكذا في هاء الكناية ولم ينبه الناظم على ذلك في البابين والله أعلم
(113)
وَمِنْ دُونِ وَصْلٍ وضُمَّهَا قَبْلَ سَاكِنٍ لِكُلٍ وَبَعْدَ الْهَاءِ كَسْرُ فَتَى الْعَلاَ
ذكر في هذا البيت حكم ميم الجمع إذا لقيها ساكن ولا يقع ذلك الساكن في القرآن إلا بعد همزة الوصل فقال ضمها من غير صلة لكل القراء ووجه الضم تحريكها لالتقاء الساكنين واختير ذلك لأنه حركتها الأصلية فهي أولى من حركة عارضة ولم تمكن الصلة لأن إثباتها يؤدي إلى حذفها لأجل ما بعدها من الساكن وضمها فعل أمر ، وفي نسخة ضمها على أنه مبتدأ خبره ما قبله أو ما بعده ومثله (منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون) -(وأنتم الأعلون) ، وكان يمكن إثبات الصلة في (ومنهم الذين) ، لأن الساكن بعدها مدغم فيبقى من باب إدغام أبي عمرو (قال رب) ، وقد فعل ذلك البزي في عنهو تلهى فظلتمو تفكهون إلا أن الفرق أن إدغام أبي عمرو والبزي طارئ على حرف المد فلم يحذف له ، وكذا إدغام دابة والصاخة وخاصة فلم يحذف حرف المد خوفا من الإجحاف باجتماع إدغام طارئ وحذف ، وأما إدغام اللام في الذين ونحوه فلأصل لازم وليس بطارئ على حرف المد فإنه كذلك أبدا كان قبله حرف مد أو لم يكن فحذف حرف المد للساكنين طردا للقاعدة فلم يقرأ منهمو الذين كما لم يثبت حرف المد في مثل (قالوا اطيرنا)-(وادخلا النار)-(وفي النار) ، ثم قال وبعد الهاء كسر فتى العلا أي إن وقع قبل الميم التي قبل الساكن هاء كسر أبو عمرو الميم إتباعا للهاء لأن الهاء مكسورة وبقي الباقون على ضم الميم ثم ذكر شرط كسر الهاء فقال
(114)
مَعَ الْكَسْرِ قَبْلَ الْهَا أَوِ الْيَاءِ سَاكِناً وَفي الْوَصْلِ كَسْرُ الْهَاءِ بالضَّمَّ (شَـ)ـمْلَلاَ
أي إذا كان قبل الهاء كسر أو ياء ساكنة وقصر لفظ الهاء ضرورة وساكنا حال من الياء والياء كغيرها من الحروف يجوز تأنيثها وتذكيرها ، ومعنى شملل أسرع وفاعله ضمير عائد على كسر الهاء أي أتى بالضم في عجل جعل الكسر آتيا بالضم تجوزا واتساعا وإن كانا لا يجتمعان ، ووجهه توافق معنى القراءتين وصحتهما وحلول كل واحد منهما في محل الآخر والشين رمز حمزة والكسائي قرءا بضم الهاء والميم على الأصل في الميم والإتباع في الهاء وأبو عمرو وكسر الهاء لما قبلها والميم للإتباع والباقون ضموا الميم على الأصل لما احتاجوا إلى تحريكها لأجل الساكن بعدها وكسروا الهاء لمجاورة ما أوجب ذلك من الكسر أو الياء الساكنة كما أجمعوا على بهم وفيهم إذا لم يكن بعدها ساكن ولم يبالوا بالخروج من كسر إلى ضم لأن الكسر عارض قاله أبو علي ، وقوله في الوصل لم يكن إليه حاجة فإن الكلام فيه فكان ينبغي أن ينبه على أنه شرط في ضم الميم كما أنه شرط في ضم الهاء وإلا فإتيانه به هاهنا يوهم أنه شرط في ضم الهاء فقط وليس كذلك وكان يغني عنه أيضا قوله بعد ذلك وقف للكل بالكسر ثم مثل ما ذكره فقال
(115)
كَمَا بِهِمُ الْأَسْبَابُ ثُمَّ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ وَقِفْ لِلْكُلِّ بِالْكَسْرِ مُكْمِلاَ
ما في كما زائدة مثل ما قبل الهاء فيه كسر بقوله تعالى (وتقطعت بهم الأسباب) ومثله في (قلوبهم العجل)-(من دونهم امرأتين) ، ومثل ما قبله ياء ساكنة بقوله سبحانه (فلما كتب عليهم القتال) ومثله (يريهم الله أعمالهم)-(إذ أرسلنا إليهم اثنين) ، ثم قال وقف للكل بالكسر يعني في الهاء لأن ضمها في قراءة حمزة والكسائي كان إتباعا لضم الميم لا لمجرد كون الضم هو الأصل فإنهما لم يضما الهاء في نحو (في قلوبهم مرض) ولا ضم الكسائي نحو (أنعمت عليهم) ، وإذا كان ضم الهاء إتباعا للميم ففي الوقف سكنت الميم فلم يبق إتباع فعاودا كسر الهاء ولا يستثني من هذا إلا الكلمات الثلاث المقدم ذكرها وهي عليم وإليهم ولديهم فإن حمزة يضم الهاء فيها وقفا ووصلا فلا يؤثر الوقف في مذهبه شيئا في نحو (عليهم القتال) ، إلا سكون الميم فقط وكان ينبغي للناظم أنه ينبه على سكون الميم وقفا كما نبه على كسر الهاء ولكنه أهمله لوضوحه ومكملا حال أي قف مكملا وجوه القراءة في ميم الجمع والله أعلم
كان يلزمه أن يذكر مع ورش ابن كثير وقالون لئلا يظن أن هذا الموضع مختص بورش كما قال في باب الإمالة رمى صحبة ولو قال ومن قبل همز القطع وافق ورشهم لحصل الغرض ، ومعنى البيت أن ورشا يقرأ مثل قراءة ابن كثير إذا كان بعد الميم همزة قطع وهي التي تثبت في الوصل نحو (عليهم - أأنذرتهم أم لم - ومنهم أميون - إنا معكم إنما) ، لكن ورشا يكون أطول مدا من ابن كثير على أصله وإنما خص ورش الصلة بما كان قبل همزة لحبه المد وإيثاره له ولهذا مد ما بعد الهمزة في وجه كما سيأتي وأراد أيضا الجمع بين اللغتين كما قال امرؤ القيس ، (أمرخ خيامهمو أم عشر أم القلب في إثرهم منحدر) ، وخص ذلك ليستعين بالمد على النطق بالهمز ، قال أبو علي كأنه أحب الأخذ باللغتين وكان المد قبل الهمزة مستحبا ، واعتل له المهدوي وغيره بما يلزمه من نقل الحركة على أصله ولو نقل إليها لتحركت بالضم والفتح والكسر فآثر أن يحركها بحركتها الأصلية ولا تعتورها الحركات العارضة والهاء في صلها وأسكنها تعود على ميم الجمع وإنما بين قراءة الباقين أنها بالإسكان لئلا يظن أنها بترك الصلة ولا يلزم من ترك الصلة الإسكان إذ ربما تبقى الميم مضمومة من غير صلة كما يفعل في هاء الكناية وهو المعبر عنه ثم بالقصر وسيأتي ولم يقرأ بذلك في الميم لقوتها واستغنائها عن الحركة ولما كانت الهاء خفية ضعيفة قويت بالحركة تارة وبها وبالصلة أخرى وقوله بعد متعلق بالباقون أي الذين بقوا في ذكرى بعد ذكر من وصل ولا يجوز تعلقه بأسكنها لأن من المسكنين من سبق الواصلين في الزمان كابن عامر إلا على تأويل ترتيب الذكر فيرجع إلى المعنى الأول ويجوز أن يتعلق بمحذوف ولتكملا أيضا متعلق به أي أعلمتك بقراءة الباقين بعد ما ذكرت قراءة الواصلين لتكمل وجوه القراءة في ميم الجمع وإن علقنا بعد بالباقون كان لتكملا متعلقا بأسكنها واللام للعاقبة لأنهم لم يسكنوها لهذه العلة وإنما كانت العاقبة ذلك ، ويجوز على هذا أن يتعلق اللام بصلها والواو في وأسكنها للحال أي صلها لورش في الحال التي أسكنها فيها الباقون لتكمل وجوهها وإسكان ميم الجمع هو اللغة الفصيحة الفاشية ، وقد وافق من وصلها على ترك الصلة في الوقت وكذا في هاء الكناية ولم ينبه الناظم على ذلك في البابين والله أعلم
(113)
وَمِنْ دُونِ وَصْلٍ وضُمَّهَا قَبْلَ سَاكِنٍ لِكُلٍ وَبَعْدَ الْهَاءِ كَسْرُ فَتَى الْعَلاَ
ذكر في هذا البيت حكم ميم الجمع إذا لقيها ساكن ولا يقع ذلك الساكن في القرآن إلا بعد همزة الوصل فقال ضمها من غير صلة لكل القراء ووجه الضم تحريكها لالتقاء الساكنين واختير ذلك لأنه حركتها الأصلية فهي أولى من حركة عارضة ولم تمكن الصلة لأن إثباتها يؤدي إلى حذفها لأجل ما بعدها من الساكن وضمها فعل أمر ، وفي نسخة ضمها على أنه مبتدأ خبره ما قبله أو ما بعده ومثله (منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون) -(وأنتم الأعلون) ، وكان يمكن إثبات الصلة في (ومنهم الذين) ، لأن الساكن بعدها مدغم فيبقى من باب إدغام أبي عمرو (قال رب) ، وقد فعل ذلك البزي في عنهو تلهى فظلتمو تفكهون إلا أن الفرق أن إدغام أبي عمرو والبزي طارئ على حرف المد فلم يحذف له ، وكذا إدغام دابة والصاخة وخاصة فلم يحذف حرف المد خوفا من الإجحاف باجتماع إدغام طارئ وحذف ، وأما إدغام اللام في الذين ونحوه فلأصل لازم وليس بطارئ على حرف المد فإنه كذلك أبدا كان قبله حرف مد أو لم يكن فحذف حرف المد للساكنين طردا للقاعدة فلم يقرأ منهمو الذين كما لم يثبت حرف المد في مثل (قالوا اطيرنا)-(وادخلا النار)-(وفي النار) ، ثم قال وبعد الهاء كسر فتى العلا أي إن وقع قبل الميم التي قبل الساكن هاء كسر أبو عمرو الميم إتباعا للهاء لأن الهاء مكسورة وبقي الباقون على ضم الميم ثم ذكر شرط كسر الهاء فقال
(114)
مَعَ الْكَسْرِ قَبْلَ الْهَا أَوِ الْيَاءِ سَاكِناً وَفي الْوَصْلِ كَسْرُ الْهَاءِ بالضَّمَّ (شَـ)ـمْلَلاَ
أي إذا كان قبل الهاء كسر أو ياء ساكنة وقصر لفظ الهاء ضرورة وساكنا حال من الياء والياء كغيرها من الحروف يجوز تأنيثها وتذكيرها ، ومعنى شملل أسرع وفاعله ضمير عائد على كسر الهاء أي أتى بالضم في عجل جعل الكسر آتيا بالضم تجوزا واتساعا وإن كانا لا يجتمعان ، ووجهه توافق معنى القراءتين وصحتهما وحلول كل واحد منهما في محل الآخر والشين رمز حمزة والكسائي قرءا بضم الهاء والميم على الأصل في الميم والإتباع في الهاء وأبو عمرو وكسر الهاء لما قبلها والميم للإتباع والباقون ضموا الميم على الأصل لما احتاجوا إلى تحريكها لأجل الساكن بعدها وكسروا الهاء لمجاورة ما أوجب ذلك من الكسر أو الياء الساكنة كما أجمعوا على بهم وفيهم إذا لم يكن بعدها ساكن ولم يبالوا بالخروج من كسر إلى ضم لأن الكسر عارض قاله أبو علي ، وقوله في الوصل لم يكن إليه حاجة فإن الكلام فيه فكان ينبغي أن ينبه على أنه شرط في ضم الميم كما أنه شرط في ضم الهاء وإلا فإتيانه به هاهنا يوهم أنه شرط في ضم الهاء فقط وليس كذلك وكان يغني عنه أيضا قوله بعد ذلك وقف للكل بالكسر ثم مثل ما ذكره فقال
(115)
كَمَا بِهِمُ الْأَسْبَابُ ثُمَّ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ وَقِفْ لِلْكُلِّ بِالْكَسْرِ مُكْمِلاَ
ما في كما زائدة مثل ما قبل الهاء فيه كسر بقوله تعالى (وتقطعت بهم الأسباب) ومثله في (قلوبهم العجل)-(من دونهم امرأتين) ، ومثل ما قبله ياء ساكنة بقوله سبحانه (فلما كتب عليهم القتال) ومثله (يريهم الله أعمالهم)-(إذ أرسلنا إليهم اثنين) ، ثم قال وقف للكل بالكسر يعني في الهاء لأن ضمها في قراءة حمزة والكسائي كان إتباعا لضم الميم لا لمجرد كون الضم هو الأصل فإنهما لم يضما الهاء في نحو (في قلوبهم مرض) ولا ضم الكسائي نحو (أنعمت عليهم) ، وإذا كان ضم الهاء إتباعا للميم ففي الوقف سكنت الميم فلم يبق إتباع فعاودا كسر الهاء ولا يستثني من هذا إلا الكلمات الثلاث المقدم ذكرها وهي عليم وإليهم ولديهم فإن حمزة يضم الهاء فيها وقفا ووصلا فلا يؤثر الوقف في مذهبه شيئا في نحو (عليهم القتال) ، إلا سكون الميم فقط وكان ينبغي للناظم أنه ينبه على سكون الميم وقفا كما نبه على كسر الهاء ولكنه أهمله لوضوحه ومكملا حال أي قف مكملا وجوه القراءة في ميم الجمع والله أعلم