(49)
وَمِنْهُنَّ لِلْكُوفِيِّ ثَاءٌ مُثَلَّتٌ وَسِتَّتُهُمْ بِالْخَاءِ لَيْسَ بِأَغْفَلاَ
الضمير في منهن للحروف للعلم بها ووصف الثاء بأنه مثلث بالنقط ليميزه من الباء والتاء وكذلك قوله في الخاء ليس بأغفلا أي أنه منقوط ليميزه من الحاء ، لما اصطلح الناظم رحمه الله على رموز للقراء منفردين اصطلح أيضا على رموز لهم مجتمعين إلا أنه ليس لكل اجتماع بل لما يكثر دوره ووقوعه ، واعلم أن لكل واحد من القراء شيئا ينفرد به وقد جمعت ذلك في مصنف بترتيب حسن ولكل واحد منهم اجتماع مع كل واحد منهم هذا مطرد ويتفق اجتماع ثلاثة على قراءة ولا يطرد في الجميع وكذا يتفق اجتماع أربعة وخمسة وستة وكان قد بقي ستة أحرف فجعل كل حرف منها رمزا لما يذكره فذكر في هذا البيت حرفين الثاء والخاء فالثاء رمز للقراء الكوفيين وهم ثلاثة كما سبق وقوله للكوفي أي للقارئ الكوفي من السبعة أي لهذا الجنس منهم والحروف كلها تذكر وتؤنث واختار التذكير في وصف هذه الحروف هنا لما كانت عبارة عن ذكور فقال مثلث وليس بأغفلا وكذا الأربعة البواقي على ما يأتي فالضمير في وستتهم للقراء أي يعبر عنهم بالخاء ثم بين الستة منهم فقال
(50)
عَنَيْتُ الْأُلَى أَثْبَتُّهُمْ بَعْدَ نَافِعٍ وَكُوفٍ وَشَامٍ ذَا لُهُمْ لَيْسَ مُغْفَلاَ
الألى بمعنى الذين أي عنيت بالستة الذين ذكرتهم بعد ذكر نافع وهم باقي السبعة ، وعبر عن الكوفيين وابن عامر وهو الشامي بالذال وقال ليس مغفلا ليميزه عن الدال ووجه قوله وكوف وشام وكذا ما يأتي بعده مثل وبصر ومك أنه حذف إحدى ياءي النسب تخفيفا كما يخفف المشدد لضرورة الشعر وكأن المحذوف المتحركة فبقيت الساكنة مع التنوين فحذفت لالتقاء الساكنين فصار كقاض والألف واللام مقدرة أو الإضافة ولهذا صح الابتداء به أي والكوفي والشامي أو وكوفيهم وشاميهم ذالهم التي هي عبارة عنهم منقوطة ثم قال
(51)
وَكُوفٍ مَعَ المَكِّيِّ بِالظَّاءِ مُعْجَماً وَكُوفٍ وَبَصْرٍ غَيْنُهُمْ لَيْسَ مُهْمَلاَ
المعجم من الحروف ما نقط من قولهم أعجمت الكتاب أي أزلت عجمته والمهمل ما لم ينقط ولسنا بخائضين في بيان مناسبة كل حرف لمن جعله له من جهة مخارج الحروف وصفاتها فإنه لو عكس ما ذكره لأمكن توجيهه أيضا والله أعلم
(52)
وَذُو النَّقْطِ شِينٌ لِلْكِسَائِي وَحَمْزَةٍ وَقُلْ فِيهِمَا مَعْ شُعْبَةٍ صُحْبَةٌ تَلاَ
شين بدل من وذو النقط وتمت حروف أبجد واحتاج إلى الاصطلاح في التعبير عن جماعات يكثر اتفاقهم على القراءة فوضع ثماني كلمات لمن يأتي ذكرهم وهي صحبة صحاب عم سما حق نفر حرمي حصن منها ما هو دال على اثنين وهو عم حق حرمي والبواقي مدلولها جماعة فجعل لحمزة والكسائي إذا اتفق معهما أبو بكر عن عاصم لفظ صحبة كقوله رمى صحبة وصحبة يصرف ، وتارة رمز لهم بالحروف كقوله وموص ثقله صح شلشلا وتلا بمعنى تبع أي تبع ما قبله في أنه رمز وليس بصفة لصحبة وإلا تقيدت وأشعر اللفظ بأنه المجموع هو الرمز وكذا ما يأتي في قوله نفر حلا
(53)
صِحَابٌ هَمَا مَعْ حَفْصِهِمْ عَمَّ نَافِعٌ وَشَامٍ سَمَا فِي نَافِعٍ وَفَتَى الْعَلاَ
هما يعني حمزة والكسائي مع حفص عن عاصم يعبر عنهم بصحاب ولفظ عم دليل نافع وشام وسما مستقر في التعبير به عن نافع ، وفتى العلا وهو أبو عمرو بن العلا وفي ابن كثير وهو المراد بقوله ومك في البيت الآتي
(54)
وَمَكٍّ وَحَقٌّ فِيهِ وَابْنِ الْعَلاَءِ قُلْ وَقُلْ فِيهِمَا وَالْيَحْصُبِي نَفَرٌ حَلاَ
فيه أي في المكي وهو ابن كثير أي استقر لفظ حق فيه وفي ابن العلاء فحذف حرف الجر من المعطوف على الضمير المجرور وهو جائز في الشعر مختلف فيه في غيره ولفظ نفر قل فيهما أي في ابن كثير وأبي عمرو وفي اليحصبي وهو ابن عامر فحذف حرف الجر أيضا
(55)
وَحِرْمِيٌّ الْمَكِّيُّ فِيهِ وَنَافِعٍ وَحِصْنٌ عَنِ الْكُوفِي وَنَافِعِهِمْ عَلاَ
أي ولفظ حرمي اشترك فيه ابن كثير ونافع وهو نسبة إلى الحرم والحرم والحرم واحد ، فإن قلت هذه نسبة صحيحة فتكون كالعبارة الصريحة فقوله حرمي كقوله مكي وبصري وشامي وكوفي لأن كل واحد من ابن كثير ونافع منسوب إلى الحرم هذا من حرم مكة وذا من حرم المدينة ، قلت موضع الرمز كون اللفظ مفردا أراد به مثنى ولم يستعمل المفرد لإلباسه إذ لا يعلم أي الحرميين أراد والتصريح بنسبتهما أن يقول الحرميان كما يقوله صاحب العنوان وغيره ولكونه جعل هذا اللفظ رمزا لم يتصرف فيه بحذف ياء النسبة ولا تخفيفها بخلاف قوله ومن تحتها المكي سوى الشام ضموا إشعارا بأنه رمز لا نسبة ، ثم قال وحصن جعلته عبارة عن الكوفيين ونافع وقوله علا أي الحصن أو المذكور أي ظهر المراد وانكشف وهذه الألفاظ الثمانية تارة يأتي بها بصورتها وتارة يضيف بعضها إلى ضمير القراء كقوله ونذر أصحابهم حموه كما قال وكوفيهم تساءلون شاميهم تلا وتارة يضيفه إلى الهاء والكاف نحو وحامية بالمد صحبته كلا وقل مرفقا فتح مع الكسر عمه حقه بتنبت وحقك يوم لا ثم قال
(56)
وَمَهْماَ أَتَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ كِلْمَةٌ فَكُنْ عِنْدَ شَرْطِى وَاقْضِ بِالْوَاوِ فَيْصَلاَ
أي هذه الكلمات الثماني التي وضعتها رمزا تارة أستعملها مجردة عن الرمز الحرفي الذي تقدم ذكره وتارة يجتمعان ، فإذا اجتمعا لم ألتزم ترتيبا بينهما فتارة يتقدم الحرف على الكلمة وتارة تتقدم الكلمة على الحرف كقوله وعم فتى نعم عم صحبة كهف كفء صحبة وتارة تتوسط الكلمة بين حرفين كقوله صفو حرميه رضى يبشركم سما نعم ، ومدلول كل واحد من الحرف والكلمة بحاله لا يتغير بالاجتماع فهذا معنى قوله فكن عند شرطي أي على ما شرطته واصطلحت عليه من موضوع كل واحد منهما أي أنه باق بحاله واقض بالواو فيصلا عند انتهاء كل مسألة سواء كان رمزها بالحرف أو بالكلمات أو بهما إلا حيث لا ريبة في الاتصال كقوله وخفف حق سجرت البيت ، فالمعنى مهما أتت من قبل الرمز الحرفي أو من بعده كلمة من هذه الكلمات الثماني أو مهما أتت من قبل هذه الكلمات الثماني أو بعدها كلمة من الكلمات التي تدخل حروف أوائلها على القارئ سواء كان مفردا كالألف والدال أو مجتمعا كالشين والذال ، وفي مهما بحوث حسنة ذكرناها في الشرح الكبير ، وحاصله أنها في استعمال الناظم هنا وفي قوله ومهما تصلها أو بدأت براءة بمعنى شيء ما ووجه صحة هذا الاستعمال أن مهما مركبة من ما التي للشرط ومن ما المزيدة للتأكيد ثم أبدلت ألف ما الجزائية هاء فصار مهما ، وقد استقر أن ما الجزائية تتضمن معنى الزمان ولهذا يقال لها الظرفية كقوله تعالى (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) ، فمتى أبدلت ألف الظرفية هاء لدخول المزيدة عليها صار مهما متى ما ومتى كانت المبدلة غير ظرفية لم تكن بهذا المعنى والله أعلم
(57)
وَمَا كانَ ذَا ضِدٍّ فَإِنِّي بَضِدِّهِ غَنّيٌّ فَزَاحِمْ بِالذَّكاءِ لِتَفْضُلاَ
أي وما كان من وجوه القراءات له ضد فإنه يستغني بذكر أحدهما عن ذكر الآخر فيكون من سمى يقرأ بما ذكر ومن لم يسم يقرأ بضد ما ذكر كقوله ، وخف لووا إلفا فيعلم أن غير نافع يشدده وليس هذا الاستغناء بلازم فإنه قد يذكر القراءة الأخرى المعلومة من الضد كقوله ولكن خفيف والشياطين رفعه البيت وإن لم تكن القراءة الأخرى تعلم بالضد ذكرهما نحو أوصى بوصي كما اعتلا أنجيت للكوفي أنجا تحولا ، ومتى لفظ بالقراءتين فلا حاجة إلى تقييد واحدة منهما فإن قيده كان زيادة بيان كما فعل في وما يخدعون وإنما قال بضده ولم يقل به ولا بذكره لأنه قصد المعنى المذكور في قوله تعالى (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) ، ولم يقل فتذكرها أي أيتهما ضلت ذكرتها الأخرى فهذا اللفظ أوغل في الإبهام من ذكر الضمير وكذا قوله بضده أي استغنى بأحد الضدين عن الآخر ، واعلم أنه لم يبن كلامه في الأضداد هنا على ما يعلم بالعقل أنه ضده بل بعضه كذلك وبعضه اصطلح هو عليه وبيان ذلك فيما ذكر من الأمثلة كما سيأتي وقد لف بعضها ببعض والذكي يميز ذلك ولهذا قال فزاحم بالذكاء لتفضلا
وَمِنْهُنَّ لِلْكُوفِيِّ ثَاءٌ مُثَلَّتٌ وَسِتَّتُهُمْ بِالْخَاءِ لَيْسَ بِأَغْفَلاَ
الضمير في منهن للحروف للعلم بها ووصف الثاء بأنه مثلث بالنقط ليميزه من الباء والتاء وكذلك قوله في الخاء ليس بأغفلا أي أنه منقوط ليميزه من الحاء ، لما اصطلح الناظم رحمه الله على رموز للقراء منفردين اصطلح أيضا على رموز لهم مجتمعين إلا أنه ليس لكل اجتماع بل لما يكثر دوره ووقوعه ، واعلم أن لكل واحد من القراء شيئا ينفرد به وقد جمعت ذلك في مصنف بترتيب حسن ولكل واحد منهم اجتماع مع كل واحد منهم هذا مطرد ويتفق اجتماع ثلاثة على قراءة ولا يطرد في الجميع وكذا يتفق اجتماع أربعة وخمسة وستة وكان قد بقي ستة أحرف فجعل كل حرف منها رمزا لما يذكره فذكر في هذا البيت حرفين الثاء والخاء فالثاء رمز للقراء الكوفيين وهم ثلاثة كما سبق وقوله للكوفي أي للقارئ الكوفي من السبعة أي لهذا الجنس منهم والحروف كلها تذكر وتؤنث واختار التذكير في وصف هذه الحروف هنا لما كانت عبارة عن ذكور فقال مثلث وليس بأغفلا وكذا الأربعة البواقي على ما يأتي فالضمير في وستتهم للقراء أي يعبر عنهم بالخاء ثم بين الستة منهم فقال
(50)
عَنَيْتُ الْأُلَى أَثْبَتُّهُمْ بَعْدَ نَافِعٍ وَكُوفٍ وَشَامٍ ذَا لُهُمْ لَيْسَ مُغْفَلاَ
الألى بمعنى الذين أي عنيت بالستة الذين ذكرتهم بعد ذكر نافع وهم باقي السبعة ، وعبر عن الكوفيين وابن عامر وهو الشامي بالذال وقال ليس مغفلا ليميزه عن الدال ووجه قوله وكوف وشام وكذا ما يأتي بعده مثل وبصر ومك أنه حذف إحدى ياءي النسب تخفيفا كما يخفف المشدد لضرورة الشعر وكأن المحذوف المتحركة فبقيت الساكنة مع التنوين فحذفت لالتقاء الساكنين فصار كقاض والألف واللام مقدرة أو الإضافة ولهذا صح الابتداء به أي والكوفي والشامي أو وكوفيهم وشاميهم ذالهم التي هي عبارة عنهم منقوطة ثم قال
(51)
وَكُوفٍ مَعَ المَكِّيِّ بِالظَّاءِ مُعْجَماً وَكُوفٍ وَبَصْرٍ غَيْنُهُمْ لَيْسَ مُهْمَلاَ
المعجم من الحروف ما نقط من قولهم أعجمت الكتاب أي أزلت عجمته والمهمل ما لم ينقط ولسنا بخائضين في بيان مناسبة كل حرف لمن جعله له من جهة مخارج الحروف وصفاتها فإنه لو عكس ما ذكره لأمكن توجيهه أيضا والله أعلم
(52)
وَذُو النَّقْطِ شِينٌ لِلْكِسَائِي وَحَمْزَةٍ وَقُلْ فِيهِمَا مَعْ شُعْبَةٍ صُحْبَةٌ تَلاَ
شين بدل من وذو النقط وتمت حروف أبجد واحتاج إلى الاصطلاح في التعبير عن جماعات يكثر اتفاقهم على القراءة فوضع ثماني كلمات لمن يأتي ذكرهم وهي صحبة صحاب عم سما حق نفر حرمي حصن منها ما هو دال على اثنين وهو عم حق حرمي والبواقي مدلولها جماعة فجعل لحمزة والكسائي إذا اتفق معهما أبو بكر عن عاصم لفظ صحبة كقوله رمى صحبة وصحبة يصرف ، وتارة رمز لهم بالحروف كقوله وموص ثقله صح شلشلا وتلا بمعنى تبع أي تبع ما قبله في أنه رمز وليس بصفة لصحبة وإلا تقيدت وأشعر اللفظ بأنه المجموع هو الرمز وكذا ما يأتي في قوله نفر حلا
(53)
صِحَابٌ هَمَا مَعْ حَفْصِهِمْ عَمَّ نَافِعٌ وَشَامٍ سَمَا فِي نَافِعٍ وَفَتَى الْعَلاَ
هما يعني حمزة والكسائي مع حفص عن عاصم يعبر عنهم بصحاب ولفظ عم دليل نافع وشام وسما مستقر في التعبير به عن نافع ، وفتى العلا وهو أبو عمرو بن العلا وفي ابن كثير وهو المراد بقوله ومك في البيت الآتي
(54)
وَمَكٍّ وَحَقٌّ فِيهِ وَابْنِ الْعَلاَءِ قُلْ وَقُلْ فِيهِمَا وَالْيَحْصُبِي نَفَرٌ حَلاَ
فيه أي في المكي وهو ابن كثير أي استقر لفظ حق فيه وفي ابن العلاء فحذف حرف الجر من المعطوف على الضمير المجرور وهو جائز في الشعر مختلف فيه في غيره ولفظ نفر قل فيهما أي في ابن كثير وأبي عمرو وفي اليحصبي وهو ابن عامر فحذف حرف الجر أيضا
(55)
وَحِرْمِيٌّ الْمَكِّيُّ فِيهِ وَنَافِعٍ وَحِصْنٌ عَنِ الْكُوفِي وَنَافِعِهِمْ عَلاَ
أي ولفظ حرمي اشترك فيه ابن كثير ونافع وهو نسبة إلى الحرم والحرم والحرم واحد ، فإن قلت هذه نسبة صحيحة فتكون كالعبارة الصريحة فقوله حرمي كقوله مكي وبصري وشامي وكوفي لأن كل واحد من ابن كثير ونافع منسوب إلى الحرم هذا من حرم مكة وذا من حرم المدينة ، قلت موضع الرمز كون اللفظ مفردا أراد به مثنى ولم يستعمل المفرد لإلباسه إذ لا يعلم أي الحرميين أراد والتصريح بنسبتهما أن يقول الحرميان كما يقوله صاحب العنوان وغيره ولكونه جعل هذا اللفظ رمزا لم يتصرف فيه بحذف ياء النسبة ولا تخفيفها بخلاف قوله ومن تحتها المكي سوى الشام ضموا إشعارا بأنه رمز لا نسبة ، ثم قال وحصن جعلته عبارة عن الكوفيين ونافع وقوله علا أي الحصن أو المذكور أي ظهر المراد وانكشف وهذه الألفاظ الثمانية تارة يأتي بها بصورتها وتارة يضيف بعضها إلى ضمير القراء كقوله ونذر أصحابهم حموه كما قال وكوفيهم تساءلون شاميهم تلا وتارة يضيفه إلى الهاء والكاف نحو وحامية بالمد صحبته كلا وقل مرفقا فتح مع الكسر عمه حقه بتنبت وحقك يوم لا ثم قال
(56)
وَمَهْماَ أَتَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ كِلْمَةٌ فَكُنْ عِنْدَ شَرْطِى وَاقْضِ بِالْوَاوِ فَيْصَلاَ
أي هذه الكلمات الثماني التي وضعتها رمزا تارة أستعملها مجردة عن الرمز الحرفي الذي تقدم ذكره وتارة يجتمعان ، فإذا اجتمعا لم ألتزم ترتيبا بينهما فتارة يتقدم الحرف على الكلمة وتارة تتقدم الكلمة على الحرف كقوله وعم فتى نعم عم صحبة كهف كفء صحبة وتارة تتوسط الكلمة بين حرفين كقوله صفو حرميه رضى يبشركم سما نعم ، ومدلول كل واحد من الحرف والكلمة بحاله لا يتغير بالاجتماع فهذا معنى قوله فكن عند شرطي أي على ما شرطته واصطلحت عليه من موضوع كل واحد منهما أي أنه باق بحاله واقض بالواو فيصلا عند انتهاء كل مسألة سواء كان رمزها بالحرف أو بالكلمات أو بهما إلا حيث لا ريبة في الاتصال كقوله وخفف حق سجرت البيت ، فالمعنى مهما أتت من قبل الرمز الحرفي أو من بعده كلمة من هذه الكلمات الثماني أو مهما أتت من قبل هذه الكلمات الثماني أو بعدها كلمة من الكلمات التي تدخل حروف أوائلها على القارئ سواء كان مفردا كالألف والدال أو مجتمعا كالشين والذال ، وفي مهما بحوث حسنة ذكرناها في الشرح الكبير ، وحاصله أنها في استعمال الناظم هنا وفي قوله ومهما تصلها أو بدأت براءة بمعنى شيء ما ووجه صحة هذا الاستعمال أن مهما مركبة من ما التي للشرط ومن ما المزيدة للتأكيد ثم أبدلت ألف ما الجزائية هاء فصار مهما ، وقد استقر أن ما الجزائية تتضمن معنى الزمان ولهذا يقال لها الظرفية كقوله تعالى (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) ، فمتى أبدلت ألف الظرفية هاء لدخول المزيدة عليها صار مهما متى ما ومتى كانت المبدلة غير ظرفية لم تكن بهذا المعنى والله أعلم
(57)
وَمَا كانَ ذَا ضِدٍّ فَإِنِّي بَضِدِّهِ غَنّيٌّ فَزَاحِمْ بِالذَّكاءِ لِتَفْضُلاَ
أي وما كان من وجوه القراءات له ضد فإنه يستغني بذكر أحدهما عن ذكر الآخر فيكون من سمى يقرأ بما ذكر ومن لم يسم يقرأ بضد ما ذكر كقوله ، وخف لووا إلفا فيعلم أن غير نافع يشدده وليس هذا الاستغناء بلازم فإنه قد يذكر القراءة الأخرى المعلومة من الضد كقوله ولكن خفيف والشياطين رفعه البيت وإن لم تكن القراءة الأخرى تعلم بالضد ذكرهما نحو أوصى بوصي كما اعتلا أنجيت للكوفي أنجا تحولا ، ومتى لفظ بالقراءتين فلا حاجة إلى تقييد واحدة منهما فإن قيده كان زيادة بيان كما فعل في وما يخدعون وإنما قال بضده ولم يقل به ولا بذكره لأنه قصد المعنى المذكور في قوله تعالى (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) ، ولم يقل فتذكرها أي أيتهما ضلت ذكرتها الأخرى فهذا اللفظ أوغل في الإبهام من ذكر الضمير وكذا قوله بضده أي استغنى بأحد الضدين عن الآخر ، واعلم أنه لم يبن كلامه في الأضداد هنا على ما يعلم بالعقل أنه ضده بل بعضه كذلك وبعضه اصطلح هو عليه وبيان ذلك فيما ذكر من الأمثلة كما سيأتي وقد لف بعضها ببعض والذكي يميز ذلك ولهذا قال فزاحم بالذكاء لتفضلا